العمل بالظّن وحجيّته. ويستفاد هذا كلّه من المحقّق القمّي قدسسره في « القوانين » (١).
وفيه ـ مضافا إلى استقلال العقل بلزوم دفع الضّرر المحتمل الأخروي ـ : أنّ الدّليل على وجوب تحصيل العلم في الشرعيات وعدم جواز الاقتصار بالظّن في مقام التّمكن ليس منحصرا في حكم العقل ، بل الأدلّة الشّرعيّة صريحة في ذلك.
ولعلّنا نتكلّم في ذلك فيما سيتلى عليك بعض الكلام زائدا على ذلك إن شاء الله تعالى.
(١٤٩) قوله : ( ولو كان عن جهل مع التّقصير ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّه قد يورد عليه : بأنّه لا فرق في المسألة بين الجاهل القاصر والمقصّر ؛ لأنّ من يدّعي كون الأصل حرمة العمل بالظن ـ كما هو قضيّة دليله أيضا من العقل والنّقل ـ لا يفرق بين الجاهلين ، فإنّ من اجتهد في تحصيل الدّليل على اعتبار ظنّ وبذل وسعه في طلبه ولم يقف عليه ، يحرم عليه العمل به متديّنا بمقتضاه ؛ لأنّ حرمة التشريع تابعة لتحقّق موضوعه أينما كان ، ولا فرق في تحقّق التشريع ـ إذا كان العمل عن استناد إلى المولى ـ بين الجهلين كما هو ظاهر هذا.
ولكن قد يذبّ عن الإيراد : بأنّ المراد من الجهل هنا ليس هو الجهل البسيط كي يتوجّه عليه ما ذكر ، بل الجهل المركّب. ومن المعلوم أنّه لا يتصوّر في حقّ الجاهل القاصر بهذا المعنى التشريع. نعم ، يمكن تحقّقه في حقّ المقصّر كما ربّما نشاهد في حقّ العوام الذين يهديهم العالمون إلى سواء الطريق مع ذلك يسلكون ما
__________________
(١) قوانين الأصول : ج ١ / ٤٤٧.