ولكن كان الأستاذ العلاّمة ـ في سالف الزّمان على ما هو ببالي ـ ملتزما بالتّصرف في القضايا الواردة في الشّريعة الظّاهرة في جعل الحكم مع الشّك في الموضوع ، بأنّ المراد منها : هو البناء على تحقّق موضوع الحكم في الظّاهر ، فمرجع حكم الشّارع بالطهارة والحلّية في الشّبهات الموضوعيّة إلى وجوب البناء على كون المشتبه هو الموضوع المحلّل أو الطّاهر ، فهو جعل للحكم بلسان وجود الموضوع جعلا التزاميّا كما هو الشّأن في استصحاب الموضوع أيضا.
ومن هنا استظهر قدسسره ممّا ورد في باب الصّيد والذّباحة من الأخبار الدالة على حرمة الحيوان ـ فيما شك في تحقق تذكيته ـ الإرجاع إلى أصالة عدم التّذكية ، في قبال من زعم : أنّ أصالة الحرمة في الحيوان واللّحوم أصل برأسه.
ولكن التّحقيق : عدم خلوّ ما أفاده عن النّظر ولعلّنا نتكلّم فيه في الجزء الثّالث من التعليقة إن شاء الله تعالى (١). وكيف كان لا إشكال بل لا خلاف في عدم تعقّل ذلك في الاستصحاب.
وإن كان على النحو الثّاني ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في صورة الشك ؛ للعلم بارتفاع الموضوع يقينا ، فلا مجال لتحقّق الاستصحاب موضوعا. نعم ، هاهنا كلام في جريان الاستصحاب في ما كان أخذ العلم في الموضوع بلحاظ الطريقيّة قد مضى الكلام فيه في أوّل التّعليقة عند الكلام في أحكام العلم فراجع إليه.
ومثله ما لو تعلّق الحكم واقعا على المظنون ؛ فإنّه لا معنى لاستصحابه عند
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ٣ / ١٠١.