مخالفة العمل للواقع في صورة الشّك عقابات متعدّدة وكذا إذا قلنا : بأنّه التّدين بما علم أنّه ليس من الدّين أو بما علم أنّه منه مع التّقصير في الاعتقاد كما هو واضح.
لا يقال : ما ذكرته إنّما يستقيم فيما لو كان عنوان حرمة التعبّد بغير العلم منحصرا في التّشريع ، لم لا تجعل له عنوانين أحدهما : التّشريع بالمعنى الّذي ذكرته. ثانيهما : نفس العنوان المذكور في الكتاب والسّنة؟ مثل قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً )(١) وقوله عليهالسلام : ( حقّ الله على العباد أن يقولوا بما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الظّاهرة في تعلّق الحرمة الواقعيّة بنفس عنوان عدم العلم. فإذا كان التّديّن بما لا يعلم حراما واقعيّا بالنّظر إلى الكتاب والسّنة فلا معنى لإجراء أصالة عدم الحجيّة في مورد الشّك الرّاجع إلى جعل الحكم الظّاهري ، فإنّ ما كان حراما واقعيّا لا معنى لجعل الحرمة الظّاهريّة له.
لأنّا نقول : ما ذكر توهّم.
أمّا أوّلا : فلأنّه بعد جعل التّشريع بالمعنى الذي ذكرناه فلا مناص من حمل ما دلّ على حرمة التعبّد بغير العلم من الكتاب والسّنة على إرادة الحرمة الظّاهريّة على ما يستظهر من قوله عليهالسلام : « حقّ الله على العباد أن يقفوا عند ما لا يعلمون » كما هو واضح.
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) المحاسن : ج ١ / ٢٠٤ باب « حق الله عز وجل على خلقه » ، عنه الوسائل : ج ٢٧ / ١٦٨ باب « وجوب التوقف والإحتياط » ـ ح ٤٩. باختلاف.