العلّة التّامّة هذا.
وقد عرفت بعض الكلام فيه في أوّل التّعليقة وستقف على تفصيل القول فيه إن شاء الله تعالى في الجزء الثالث من التّعليقة عند التكلّم في عدم جريان الاستصحاب في الأحكام العقليّة (١).
ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرنا من التّفصّي عن النّقض بقاعدة الطّهارة واستصحابها إنّما هو مبني على كون الطّهارة من الأحكام الشّرعيّة المجعولة. أمّا إذا قلنا بأنّها ليست من الأمور المجعولة وإنّما هي من الاعتبارات المنتزعة من الأحكام التكليفيّة أو من الأمور الواقعيّة الّتي كشف عنها الشّارع ـ على ما هو التّحقيق عندنا من عدم تعلّق الجعل بغير الأحكام الخمسة التّكليفية حسبما ستقف عليه في باب الاستصحاب ـ فالتّفصّي من النّقض بهما أيضا ظاهر لمن له أدنى دراية ؛ لأنّ المستصحب على الأوّل : يجعل الحكم الواقعي التّكليفي الّذي يكون منشأ لانتزاع الطّهارة. وعلى الثّاني : الأمر الواقعي الغير المجعول كما في استصحاب جميع الموضوعات الخارجيّة.
ثمّ إنّ ما ذكرنا كلّه بناء على القول باجتماع القاعدة والاستصحاب وجريانهما في مورد واحد. وأمّا لو قلنا بعدم جريان القاعدة في مسبوق الطّهارة بناء على القول باعتبار الاستصحاب من جهة حكومته على القاعدة ـ بناء على ما هو التّحقيق الّذي ستقف عليه : من أنّ كلّ ما يكون حاكما على غيره في صورة تنافي مدلوليهما ، يكون حاكما عليه في صورة توافق مدلوليهما فالأمر أوضح كما هو واضح.
__________________
(١) ج ٣ / ١١٣ ط حجرية.