كما قد عرفت : أنّ ذلك كلّه مبنيّ على عدم القول بكفاية الاحتياط ، وإلاّ فلا يجب تحصيل الاعتقاد بالأحكام الشّرعيّة أصلا ، لا على وجه العلم ولا على وجه الظّن. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ تحصيل الاعتقاد على هذا القول أيضا مقدّمة إلاّ أنّه ليس مقدّمة منحصرة فتدبّر.
نعم ، قد نبّهناك فيما سبق من كلماتنا إلى أنّ للعلم وجوبا نفسيّا كفائيا من حيث حفظ أحكام الشّرع والدّين بقدر الإمكان. كما أنّه قد أسمعناك : أنّ له وجوبا غيريّا فيما توقّف تشخيص ذات الواجب عليه من غير فرق بين التعبّديّات والتّوصّليّات. وعلى كلّ تقدير لا دوران فيما دلّ على وجوبه على أحد الوجهين كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ الوجه فيما أفاده قدسسره في عدم تعقّل الدّوران والتردّد في موضوع الحكم بالنّسبة إلى الحاكم من حيث استلزامه للتردّد في الحكم الغير المعقول في حقّ نفس الحاكم ممّا لا شبهة فيه عند من له ذوق سليم. مضافا إلى ما ستقف عليه من تفصيل القول فيه في طيّ أجزاء التّعليقة.
(١٥٧) قوله : ( فلأنّ العمل بالظّن في مورد مخالفته ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٣٠ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ الحكم بانحصار محلّ الكلام فيما إذا كان العمل بالظّن على خلاف الأصول لا يخلو عن تأمّل ؛ لأنّ ذلك لم يؤخذ في عنوان المسألة ولا في دليله ، بل ملاحظة كلمات الأستاذ العلاّمة والقوم يوجب حصول القطع بأعمّيّة النّزاع.
وأولى منه بالتّأمل والإشكال : تعليل عدم جواز العمل بالظّن بمخالفته الأصل المتيقّن الاعتبار. وكون التّمسّك بقاعدة الاشتغال في إثبات عدم جواز