الذي يرجع إلى المعنى الأوّل. ضرورة امتناع إثبات نفس الواقع بالظّن وجعله وسطا له بعد فرض كون الحكم لذات المظنون مع قطع النظر عن الظن كما هو المفروض ، وإلاّ لم يكن الظن طريقا كما هو واضح.
وان شئت قلت : إنّ المجعول في مورد الظن المعتبر أحكام شرعيّة مترتّبة على الظن من حيث كشفه عمّا يكون من سنخ الاحكام المذكورة من الاحكام الشرعيّة المجعولة للموضوعات النفس الامريّة ؛ إذ كما يستحيل جعل الحكم الظاهري بالقضيّة الواقعيّة كذلك يستحيل جعل الحكم الواقعي بالقضيّة الظاهرية ، فالمجعول في القضيّة الظاهرية لا بدّ أن يكون حكما غير الحكم الواقعي ولذا لا يجزي عنه عند كشف خطأ الظّن وهذا أمر ظاهر بعد التأمّل.
وممّا ذكرنا اندفع ما قد يقال : من انّه كما يقول القاطع بالخمريّة فيما لو كان الحكم الشرعي مترتّبا على الخمر : « هذا خمر وكلّ خمر حرام ». يقال : « هذا معلوم الخمريّة وكلّ معلوم الخمريّة حرام » ؛ فانّه من حيث انطباق المعلوم على الواقع في نظر العالم كيف؟ ولو لم يكن لأجل ما ذكر ، لم يكن معنى لتوسيطهما معا كما هو واضح.
ثمّ إنّه لما كان المقصود بالبحث على ما عرفت الاشارة اليه التكلّم فيما كان من الأحوال الثلاثة متعلّقا بالحكم الشرعي على ما هو شأن الاصولي ومقتضى فنّه ذكر التمثيل للمقام بقوله : « فاذا قطع بوجوب شيء ... إلى آخره » (١) ، وأردفه بالمثال في الموضوع توضيحا ومع ذلك العبارة لا تخلو عن شيء.
وقد تبيّن ممّا ذكرنا كله : المراد من نفي تعقل اطلاق الحجّة على القطع وانّ
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٢٩.