بالتّبادر والظّهور الإطلاقي.
وقد يكون كثرة الاستعمال الّتي هي بنفسها من القرائن الصّارفة في الجملة ؛ فإنّ لاستعمال اللّفظ في خلاف ما وضع له مراتب عديدة ؛ فإنّه قد يبلغ من الكثرة بحيث توجب هجر المعنى الأصلي فيجب الوضع التّعيني ، وقد تبلغ إلى قريب منه ، فيوجب ظهور المعنى المجازي من اللفظ عند الإطلاق بواسطة كثرة الاستعمال ، وقد تبلغ إلى مرتبة أدنى من المرتبة الثّانية ، فيوجب إجمال اللفظ ويرفع الظّهور عنه بالنّسبة إلى المعنى الحقيقي من دون أن يصير موجبا لظهوره في المعنى المجازي ، وقد لا يبلغ إلى شيء من ذلك ، وقد يكون اقتران اللفظ بما يوجب ظهوره في خلاف ما وضع له من القرائن ، وهذا قد يكون جزئيّة بحسب المقامات الخاصّة فلا تدخل تحت ضابطة ، وقد تكون نوعيّة كالقرائن المقاميّة الّتي يعتمد عليها أهل اللّسان.
(١٦٧) قوله : ( بالعمل لتشخيص أوضاع الألفاظ ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٣٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ مرجع القسم الأوّل إلى الظّن بالإرادة الناشئ من أصالة عدم القرينة الصّارفة عند الشّك في قيامها ، مع القطع بإحراز الظّهور بأحد الأسباب المتقدّمة. ومرجع القسم الثّاني إلى الظّن بأصل الظّهور المسبّب من أحد الأسباب المتقدّمة.
(١٦٨) قوله : ( والشّك في الأوّل مسبّب ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٣٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ الشّك في الأوّل في هذا البيان والثّاني بحسب أصل التّقسيم ، ليس مسبّبا دائما عن الأوضاع اللغوية والعرفيّة ، بل قد يكون مسبّبا من أمور أخر على ما عرفت الإشارة إليها. اللهمّ إلاّ أن يكون المراد من الوضع