القراءات متواتر ، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإنّ بعض ما نقل من السّبعة شاذّ فضلا عن غيرهم ، كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشّأن.
والمعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات وإن ركّب بعضها في بعض ما لم يترتّب بعضها على بعض بحسب العربيّة فيجب مراعاته نحو ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ )(١) فإنّه لا يجوز الرّفع فيهما ولا النّصب وإن كان كلّ منهما متواترا ، بأن يؤخذ رفع ( آدَمُ ) من غير قراءة ابن كثير ، ورفع ( كَلِماتٍ ) من قراءته ؛ فإنّ ذلك لا يصحّ ؛ لفساد المعنى. ونحوه في الفساد ( وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا )(٢) بالتشديد مع الرّفع أو بالعكس. وقد نقل ابن الجوزي في « النشر » عن أكثر القرّاء جواز ذلك. أيضا واختار ما ذكرنا.
وأمّا اتّباع قراءة الواحد من العشرة في جميع السّور فغير واجب قطعا بل لا مستحبّ ؛ فإنّ الكلّ من عند الله نزل به الرّوح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفا من الأمّة وتهوينا على أهل هذه الملّة. وانحصار القراءات فيما ذكر أمر حادث غير معروف في الزّمن السّابق ، بل كثير من الفضلاء أنكر ذلك ؛ خوفا من التباس الأمر. وتوهّم : أنّ المراد من السّبعة : هي الأحرف الّتي ورد في النّقل أنّ القرآن أنزل عليها والأمر ليس كذلك فالواجب القراءة بما تواتر (٣) ». انتهى المحكي من كلامه رفع في الخلد مقامه.
__________________
(١) البقرة : ٣٧.
(٢) آل عمران : ٣٧.
(٣) قوانين الاصول : ج ١ / ٤٠٨.