خروج المعلوم حجّيّته عن ظواهر الآيات النّاهية موضوعا ـ إذا كان مفادها الحرمة التشريعيّة بأيّ معنى فرض للتشريع ـ فإنّ الحكم بحجيّة الظّواهر مثلا بعد قيام الدّليل القاطع على حجيّتها والالتزام بكون مفادها حكم الله الظّاهري ليس بافتراء وتشريع على الله تعالى ، وقولا بما لا يعلم.
ومنه يظهر ما في كلام المحقّق القميّ قدسسره : من لزوم استعمال كلمة الموصول في قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )(١) أو الضّمير في معنيين من حيث إرادة العلم بحجيّته ونفيه ؛ ضرورة أنّ المنهي كلّ شيء لم يعلم به من غير فرق بين الأحكام الأصوليّة والفرعيّة الفقهيّة. ولا يلزم هذا المعنى استعمال اللّفظ في المعنيين أصلا ، كما لا يخفى.
وأمّا ثانيا ؛ فلأنّه ـ بعد تسليم لزوم التخصيص في الآيات النّاهية عند الحكم بحجيّة أمارة غير علميّة أو أصل من الأصول ـ نقول : إنّ محذور التخصيص إنّما هو من حيث اقتضاء العموم ـ عند الشّك في التّخصيص ـ البناء على عدمه بحكم أهل اللّسان ، وهذا معنى أصالة العموم الّتي هي من الأصول اللفظيّة المعتبرة عند الشّك في إرادة المتكلّم.
فإذا فرض قيام الإجماع على اعتبار ظواهر الكتاب ، فيعلم بعدم إرادتها ممّا اقتضى بعمومه حرمة العمل بها من الآيات النّاهية وغيرها ، فلا يبقى شك في المراد منها ، حتّى يتمسّك بأصالة العموم. فإن شئت قلت : إنّ أصالة العموم غير جارية بنفسها في صورة العلم بالمراد من العام.
__________________
(١) الاسراء : ٣٦.