الإجماع على حجيّة المراد من الكتاب لم يعلم له معنى محصّل ؛ إذ المراد لا يمكن اتّصافه بالحجيّة وعدمها. وإنّما القابل للاتّصاف بها ما هو طريق إليه وكاشف عنه. اللهمّ إلاّ أن يكون مراده : تنزيل الإجماع على حجيّة النّصوص الكتابيّة في قبال الظّواهر ، بملاحظة استناد المنع إلى مخالفة الأخباريين فإنّ مخالفتهم في الظّواهر لا في النّصوص على ما أفاده جماعة منهم.
وأمّا ثانيا : فلأنّه لم يعلم المراد من قوله : ( والظّن الحاصل للمخاطبين ... إلى آخره ) (١) حيث إنّ قوله : ( إجماعا ) يحتمل أن يراد به : الاستدلال بالإجماع كون المراد من قوله : ( لأنّ الله أرسل رسولا ... إلى آخره ) (٢) الإشارة إلى سند المجمعين. فالمراد بالإجماع حينئذ معناه المصطلح. ويحتمل أن يراد منه : معناه اللّغوي أي : الاتفاق ؛ فكأنّه قال قولا واحدا ، فيكون المراد من قوله : ( لأنّ الله ... إلى آخره ) الاستدلال بحجيّة الظّن المستفاد من أصالة الحقيقة والقرائن في حقّ المشافهين ، وإن كان هذا التّرديد والاشتباه في كلامه غير قادح في أصل المطلب.
نعم ، يرد عليه ـ على كلّ تقدير ـ : أنّ الاستدلال بالآية الشّريفة على حجيّة الظن في حق المخاطبين من حيث الخصوص ، والاستناد إليها في إثبات ذلك ، استدلال بظاهر الكتاب ممّن لا يكون مخاطبا به وهو غير جائز. اللهم إلاّ أن يقال : بكونها نصّا في ذلك ، فتأمّل.
__________________
(١) قوانين الأصول : ج ٢ / ١٠١.
(٢) نفس المصدر.