وأنّ الغرض إفادته بمعونة القرينة وهو الّذي عرفت سابقا جريان السّيرة عليه في كلّ عصر وزمان وأنّ عليه مبني المخاطبة ، وهو المدار في التّفهيم بالكلام من لدن زمان آدم عليهالسلام إلى الآن في كافة اللغات وجميع الاصطلاحات ، ولو لاه بطل حكمة جعل الألفاظ والغرض من تفهيم المرادات والمقاصد بها كما لا يخفى.
نعم ، هنا كلام في أنّ القاعدة المذكورة هل هي من القواعد الوضعيّة ـ المقرّرة من الواضع بتعيينه ووضعه بحيث يكون من مقتضيات الوضع نظير دلالة اللّفظ على تصوّر المعنى فيكون دلالة اللّفظ على الإرادة كتصوّر المعنى من اللّفظ من مقتضيات الوضع ـ أو أنّها من الأغراض المقصودة للواضع من الوضع من غير أن يكون مستندا إلى الوضع بالمعنى الّذي عرفته؟
فالوضع إنّما هو لتصوّر المعنى ، أمّا الحكم بإرادته فإنّما هو شيء آخر يتبع الوضع ؛ إذ بعد دلالة الألفاظ على المعاني يكون استعمالها في مقام البيان والتّفهيم مع شعور المتكلّم وعدم غفلته وذهوله شاهدا على إرادتها ؛ من حيث إنّ الغرض من وضع الألفاظ التّفهيم.
وهذا وإن كان هو الحقّ وعليه المحقّقون إلاّ أنّه كلام آخر لا تعلّق له بما هو المقصود بالبيان من كون الاستعمال دليلا في الجملة بالاتفاق عند الدّوران على إرادة المعنى الحقيقي.
ومثله الكلام في الحمل على إرادة المعنى المجازي عند اقتران اللّفظ بالقرينة العامة الصّارفة والمعيّنة. وقد عرفت الكلام في ذلك كلّه والخلاف عمّن خالف فيه في ظواهر الكتاب أو مطلق الظّواهر بالنسبة إلى غير المخاطب بالكلام أو غير المقصود بالتّفهيم منه.