العقل من باب الارشاد والطريقيّة المحضة ؛ من حيث أنّ عدم الأخذ به والتّأخير حتّى يحصل العلم بالضّيق مستلزم لفوت الواجب المنجّز كثيرا ، بل في الاغلب ؛ فانّه وان انعقد الاجماع ظاهرا على اعتبار الظنّ في المقام ، إلاّ أنّا نعلم أنّ مدرك إجماعهم ليس إلاّ ما عرفت.
وثالثا : بانّه وان سلّم جواز مخالفة الظن للقطع في الحكم ، إلاّ أنّ الظاهر من مقالتهم في الفرض اتحاد حكمهما ؛ لأنّ التعرض للعلم بالضّيق ليس في كلام الأكثرين فيكون الوجه في عدم تعرّضهم له كونه أولى بالاعتبار عندهم من الظّن ولم يعلم من كلماتهم أيضا الفرق بين الظّن والعلم في استحقاق العقاب على المخالفة فتدبّر ، هذا ملخّص ما يقال في الجواب عمّا أورد على ما ذكره الاستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ).
ولكنّك خبير بانّ الوجه الثاني ممّا لا وجه له أصلا ، وان كان في بادئ النظر في كمال الاستقامة ؛ لأنّ وجود المصلحة الجابرة في سلوك الطريق على تقدير مخالفته للواقع وفوت الواقع بواسطة العمل به لا يقتضى كونه الأمر بالعمل بالطريق في عرض الواقع وخروجه عن الأمر المقدّمي ، كيف! ولو كان كذلك لزم عراء الأمر بسلوكه عن ملاحظة الطريقيّة ، فحكم العقل بلزوم وجود مصلحة في أمر الشارع بسلوك الطريق على تقدير فوت الواقع من العمل إذا أمر به الشارع عند التمكن من تحصيله ، لا يخرج الطريق عن الطريقيّة وكونه في عرض الواقع.
هذا مضافا إلى أنّ ما ذكر انّما يجري في بعض الطّرق الشرعيّة لا في كلّها ؛ لعدم حكم العقل بلزوم وجود المصلحة في سلوك الطريق عند أمر الشارع بالعمل بشيء عند انسداد باب العلم والعجز عن تحصيل الواقع على ما ستقف على تفصيل