الظاهري أيضا حكم شرعي مبني على المصلحة في جعله دائما ، غاية الأمر كون الجهل بالحكم الواقعي مأخوذا في موضوعه ، وهذا لا يخرجه عن كونه حكما شرعيّا.
قلت : لسنا في صدد انكار إشتمال القضيّة الشرعيّة في باب جعل الطريق على الحكم والانشاء الشرعي. كيف! ولا يتصوّر معنى لحجيّة الأمارة وحكم الشارع بلزوم سلوكها إلاّ جعل ما يترتّب على موردها في الظّاهر ، إلاّ أن هذا الجعل الظاهري ليس إلاّ معنى ايجاب الشارع العمل بالأمارة والالتزام بمقتضاها ، وليس هذا المعنى مختصّا بما لو كان مصلحة في سلوكها تجبر مفسدة الوقوع في مخالفة الواقع ، بل يجري في جميع الطرق الشرعيّة والعقليّة أيضا.
كيف! ولا يتصوّر معنى لحجيّة الأمارة على أيّ تقدير إلاّ ما ذكر ؛ إذ الحكم الظاهري المجعول في كل مورد ليس في عرض الحكم الواقعي. كيف! وهو ممّا يستلزم التصويب ، فالتفصيل إذن ممّا لا معنى له ، فلا بدّ إذن من القول بانّ مخالفة الطرق الظنيّة مطلقا موجبة لاستحقاق العقوبة ، فالحق وفاقا لما يظهر من الاستاذ العلاّمة في المقام في آخر الجزء الثاني من « الكتاب » : عدم ترتب استحقاق العقوبة على مخالفة الطرق الظّنيّة بأسرها وبجميع اقسامها.
هذا ملخّص ما يقال بالنّسبة إلى ما إستفاده ( دام ظلّه ) في المسألة الاولى.
وأمّا بالنّسبة إلى ما ذكره في المسألة الأخيرة (١) : فبأنّ القطع والظّن في باب الضّرر ليس إعتبارهما من باب الطريقيّة ، بل من باب الموضوعيّة بمعنى كون
__________________
(١) أي : مسألة سلوك الطريق المقطوع الخطر أو مظنونه.