ورسول ، وأنّه إذا كان هو القانون الخاتم فلابدّ له من حفظ بالنصّ وبالمضمون حفظاً معصوماً ، كما كان بلاغه ووصوله معصوماً أيضاً ، فيدلّ ذلك على المرسل والرسول والرسالة ، وعلى لزوم حفظها والمسؤولية عنها ، أي على سائر أصول الدين.
إنّ البحث بهذه الطريقة يمكن أن يكون أكثر يسراً وسهولة لعامة الناس ، خصوصاً إذا كانت القضايا المبحوثة تحتاج في إطار البحث الخاص إلى استدلال علمي لا يستطيعه عادةً إلاّ قلّة من الأفراد هم ذوو الاختصاص ، كالقضايا الدينية الخلافية ، فإنّ الإحاطة بأدلّتها الشرعية وإمكانية مناقشتها ودفع الإشكالات عنها يحتاج إلى اختصاصيين متضلّعين في علوم شتّى ، كاللغة وأصول الفقه والحديث والتفسير وعلوم القرآن الكريم ... ، وعلى هذا الأساس يكون اللجوء إلى الأدلّة العقلائية والقضايا الفطرية والمسلّمة عند مخاطبة غير الاختصاصين هو الطريق الأسلم والأكثر نفعاً في مثل هذه الحالات.
وهنا يحضرني حوار جرى مع أحد الطلاب الأفارقة في مدينة قم عندما سألته عن ديانة آبائه وأجداده ، فقال : إنّهم من الوثنيين ، فقلت له : ما الذي جاء بك إلى الإسلام؟ فقال : جاءنا قسّ هولندي فدعانا إلى المسيحية فآمنّا ولكنّه لم يعرض علينا شريعة خاصّة ، فقلت له : لقد آمنت بدينك ولكنّه لم يغيّر شيئاً من أسلوب حياتي فما فائدة هذه المعرفة وهذا الإيمان!؟ ، فقد كنت ملتزماً بالفضائل الإنسانية مذ كنت وثنياً.
فقال لي ذلك القسيس : إنّ تقييد عمل الإنسان بأحكام شرعية خاصّة لا وجود له في المسيحية ، وإنّما هو موجود في الإسلام ، فدفعني هذا إلى البحث عن الإسلام حتّى أسلمت ، فلما أسلمت وعلمت أنّه الدين الخاتم دفعني هذا إلى البحث عن كيفية حفظه إلى أن تقوم الساعة ، فأوصلني هذا إلى مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
فإنّ النقلة التي نقلها هذا الإنسان إنّما كانت تعتمد في جميع مراحلها على استدلالات من هذا النوع ، وأيضا لابدّ من الإشارة إلى أنّ الكثير من مسائل الفقه لا يمكن تعقّلها والالتفات إلى أهمّيّتها إلا من خلال فقه النظرية ، كقضايا الحجاب للمرأة ، ونصيبها من الميراث ، وبعض مسائل الزواج ، وحضانة الطفل ، والنفقة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والربا ، والقصاص ، ... إلخ.