.................................................................................................
______________________________________________________
يريد السفر ، بل هو مسافر بالفعل حقيقة ، لعدم خروجه بقصد الإقامة عن كونه مسافراً وغريباً حسب الفرض ، فحينئذ يطالب بالدليل على اعتبار حدّ الترخّص في حقِّه بعد أن كان مقتضى إطلاق وجوب القصر لكلّ مسافر التقصير بمجرّد الخروج من محلّ الإقامة ولو بخطوة أو خطوتين.
وقد استدلّ لذلك بوجوه :
أحدها : الوجه الاعتباري بدعوى أنّ الغرض من تشريع حدّ الترخّص تعيين الموضع الذي يجب فيه التمام وتمييزه عن غيره ، المبني على التحاق توابع البلد به ، وأنّ المسافر ما لم يتجاوز ذلك الحدّ كأنه لم يخرج بعد من البلد ولم يصدق عليه عنوان المسافر ولو بضرب من الاعتبار ، وإن كان مبدأ المسافة هو البلد نفسه ، وهذا المناط كما ترى يشترك فيه الوطن ومحلّ الإقامة.
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ الوجه الاعتباري لا يصلح سنداً للحكم الشرعي. مع أنّه لا ينبغي التأمل في كونه مسافراً عرفاً حينما يخرج من البلد ، فيطلق عليه المسافر جزماً من لدن حركة السيارة ونحوها. فالحكم تعبّدي محض لا يمكن التعويل فيه إلّا على الروايات ، وهي العمدة في المقام.
ثانيها : رواية حماد : «إذا سمع الأذان أتمّ المسافر» (١) فقيل : إنّ إطلاقها يشمل الخروج من محلّ الإقامة.
وفيه أوّلاً : أنّها ضعيفة السند بالإرسال ، فانّ حماداً يرويها عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في الحدائق (٢) وفي نفس المصدر أعني محاسن البرقي (٣) ، فما في الوسائل من حذف كلمة (عن رجل) سقط منه أو من النسّاخ.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٧٣ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ٧.
(٢) الحدائق ١١ : ٤٠٥.
(٣) المحاسن ٢ : ١٢٠ / ١٣٣٠.