.................................................................................................
______________________________________________________
الستّة المنقضية وإن أعرض عنها كما يزعمه المشهور كان اللّازم التعبير بصيغة الماضي ، بأن يقال : استوطنه وأقام فيه ، دون المضارع كما لا يخفى.
هكذا أورده جماعة من المحقّقين ومنهم المحقّق الهمداني (قدس سره) مصرّاً عليه.
أقول : الظاهر أنّ ما فهمه المشهور من دلالة الصحيحة على ثبوت الوطن الشرعي هو الصحيح ، وأنّ الإمام (عليه السلام) بصدد بيان معنى آخر للوطن غير العرفي. ولو فرضنا أنّ ابن بزيع لم يسأل لكان عليه (عليه السلام) البيان والتوضيح ، وقد التفت ابن بزيع إلى أنّه معنى آخر ولذلك سأل واستوضح.
بيان ذلك : أنّ الإمام (عليه السلام) لما أجاب أوّلاً بقوله : «لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام» استثنى من ذلك بقوله (عليه السلام) : «إلّا أن يكون له أي لصاحب الضّيعة فيها أي في الضّيعة منزل يستوطنه» أي يستوطن المنزل على ما يقتضيه تذكير الضمير.
وهذا أعني استيطان المنزل أمر لا يعرفه أهل العرف ، ولم يكن معهوداً عند ابن بزيع ولا عند غيره ، ضرورة أنّ المتعارف من مفهوم الاستيطان لدى الإطلاق إنّما هو استيطان البلد أو القرية أو الضيعة لا استيطان المنزل ، إذ لا يتوقّف التوطّن بحسب مفهومه العرفي على وجود منزل للمتوطّن فضلاً عن الإقامة فيه. فلو فرضنا أنّ شخصاً لم يكن له منزل أصلاً بل يعيش في الطرق والشوارع العامّة ، أو يكون ضيفاً أو كَلا على غيره في بلدة طيلة حياته لا شكّ أنّ ذاك البلد وطنه ومسكنه.
ولأجل هذه الجهة والله العالم التفت ابن بزيع إلى أنّه (عليه السلام) بصدد بيان معنى آخر للوطن ، فسأله متعجّباً بقوله : «ما الاستيطان» نظراً إلى أنّ وجود المنزل غير لازم في الوطن العرفي جزماً ، وعلى تقديره لا تعتبر الإقامة