.................................................................................................
______________________________________________________
ويندفع بما تكرّرت الإشارة إليه في مطاوي هذا الشرح من امتناع التقييد في أمثال المقام ممّا هو جزئي حقيقي لا سعة فيه ليضيّق كالنيّة فيما نحن فيه ، التي هي من الأُمور الوجدانية وفعل اختياري دائر بين الوجود والعدم ، ويستحيل فيه التعليق على تقدير دون تقدير ، إذ ليس له معنى معقول أبداً.
نظير أن يشرب مائعاً ويجعل شربه مقيّداً بأن يكون ماءً وإلّا لم يكن شارباً فانّ هذا ممّا يضحك الثكلى ، ضرورة أنّ الشرب فعل جزئي قد تحقّق خارجاً على كلّ تقدير ، كان المائع ماءً أم لم يكن ، ولا يكاد يقبل التعليق بوجه ، نعم يمكن أن يكون الشرب بداعي كونه ماءً ، فاذا تخلّف يكون من تخلّف الداعي.
ومن هنا ذكرنا في مبحث الجماعة (١) أنّ الاقتداء خلف الإمام الحاضر على تقدير أنّه زيد لا معنى له ، فانّ الاقتداء فعل اختياري إمّا يوجد أو لا يوجد. فلا وجه للتفصيل بين الداعي والتقييد المنسوب إلى المشهور.
كما وذكرنا أيضاً في باب العقود من المكاسب (٢) أنّ التعليق في الإنشاء المحكوم بالبطلان مرجعه إلى التعليق في المنشأ ، وإلّا فالإنشاء أمر وجداني وفعل نفساني اختياري إمّا أن يكون أو لا يكون ، ولا واسطة بينهما ، ولا يعقل فيه التعليق والإناطة بتقدير دون تقدير.
وعلى الجملة : فلا يتصوّر التعليق في الأفعال التكوينية الوجدانية ، فإنّها دائرة بين الوجود والعدم ، وكلّ ما ذكر فهو من قبيل التخلّف في الداعي ، ولا يتصوّر التقييد في أمثال المقام.
نعم ، التقييد في المقصود أو في المنشأ أمر معقول ، فينشئ بإنشائه الفعلي المحقّق الملكية مثلاً المعلّقة على شيء والمقيدة بتقدير خاص ككون اليوم يوم الجمعة
__________________
(١) شرح العروة ١٧ : ٦٥.
(٢) مصباح الفقاهة ٣ : ٦٦.