.................................................................................................
______________________________________________________
على ما هو عليه من الخصوصيات ، لا الصوم الطبيعي على إطلاقه عارياً عن تلك الخصوصيات.
ومعلوم أنّ الجاهل بالخصوصية لم يبلغه النهي عن تلك الخصوصية ، فمن صام في السفر القريب بتخيّل اختصاص النهي بالأسفار البعيدة لم يبلغه النهي عن هذا الصنف من الصوم الذي ارتكبه ، وإنّما بلغه النهي عن صنف آخر فيشمله الحكم بعدم وجوب القضاء ، المطابق لمضمون الطائفة الثانية من غير أيّة معارضة.
وبعبارة واضحة : لا ريب أنّ نهي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن الصوم في السفر انحلالي كما في سائر النواهي ، ينحلّ إلى نواهي عديدة بعدد أفراد الصيام الواقعة في الأسفار ، فلكلٍّ نهي يخصّه مغاير لغيره. ومن الواضح أنّ هذا الفرد الشخصي الصادر من الجاهل بالخصوصية لم يبلغ نهيه ، فيكون محكوماً بعدم وجوب القضاء بمقتضى صحيح الحلبي وغيره.
ومع التنزّل والشكّ في أنّ مرجع الإشارة هل هو الطبيعي أو الصنف الخاص فغايته إجمال صحيحتي عبد الرحمن والحلبي ، فيرجع حينئذ إلى إطلاق صحيح العيص الدالّ على نفي القضاء عن مطلق الجاهل من غير معارض.
وأمّا الثالث : أعني الجهل بالموضوع ، فدعوى صدق بلوغ النهي في مورده مشابهة لما يحكى في الأُصول على ما نقله شيخنا الأنصاري (قدس سره) (١) من ذهاب بعض إلى المنع عن جريان البراءة في الشبهات الموضوعية وتخصيصها بالحكمية على العكس ممّا عليه الأخباريون ، بدعوى أنّ البيان تام من قبل المولى في موارد الشبهات الموضوعية ، والحكم واصل ، وإنّما الشكّ في انطباقه على الموضوع الخارجي وأنّ هذا المائع مثلاً هل هو مصداق للخمر المعلوم
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٤٠٦.