.................................................................................................
______________________________________________________
واخرى تكون الدائرة حول البلد بحيث يكون البلد مركزاً لها.
أمّا الصورة الاولى : فلا ينبغي الشكّ في وجوب القصر إذا بلغ به السير ثمانية فراسخ ولو ملفّقة من الذهاب والإياب.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون له مقصد يروم السفر إليه ، أم لم يكن له مقصد أصلاً كما لو سافر لامتحان فرسه ، أو اختبار سيارته أو غاية أُخرى من الغايات المباحة من غير أن يكون له أيّ مقصد ما عدا نفس السير. فوجود المقصد وعدمه سيّان ، ولا يناط به ملاحظة الذهاب والإياب ، بل هما ينتزعان من مراعاة البعد والقرب بالإضافة إلى البلد.
فإنّه لدى خروجه منه يتباعد عنه شيئاً فشيئاً إلى أن يبلغ نصف الدائرة المحاذي للبلد والنقطة المسامتة له التي هي منتهى البعد ، وبعدئذ يسير في النصف الثاني فيأخذ في الاقتراب ويدنو شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى البلد.
فكلّما يتباعد فهو ذهاب ، وكلّما يتقارب فهو إياب ، سواء أكان له مقصد أم لا ، وسواء أكان مقصده على تقدير وجوده واقعاً على رأس منتهى البعد أم قبله أم بعده ، فانّ ذلك كلّه أجنبي عن ملاحظة الذهاب والإياب المعلّق عليهما التلفيق في لسان الروايات ، إذ لا يفرق ذلك في واقع الذهاب والإياب المنتزع ممّا عرفت.
نعم ، قد يطلق الإياب على مجرّد الخروج من المقصد وإن كان قبل ذلك ، كما لو كان مقصده في فرسخين والمفروض أنّ منتهى البعد أربعة مثلاً ، فيقال حينئذ أنّه يرجع.
لكنّه مبني على المسامحة ، يراد منه أنّه يرجع من مقصده لا أنّه يرجع عن سفره ، والاعتبار بالثاني دون الأوّل كما لا يخفى. وإلّا فكلّما يبعد فهو ذاهب وكلّما يقرب فهو راجع آئب.