.................................................................................................
______________________________________________________
فما في المتن من جعل المدار على الوصول إلى المقصد في غير محلّه ، بل قد عرفت عدم لزوم فرض مقصد من أصله ، فإذا كان كلّ منهما أعني من مبدأ السير إلى منتهى البعد والعود عنه أربعة فراسخ فقد تحقّقت المسافة التلفيقية الموجبة للتقصير ، وإذا كان كلّ منهما بنفسه ثمانية فراسخ فلا إشكال.
وعلى الجملة : بعد أن لم يعتبر في السفر أن يكون بالخط المستقيم ، بل لعلّه لا يتّفق في البر إلّا نادراً كما مرّ فحال السير في الدائرة حال السير في غيرها من غير أي إشكال فيه ، كما هو الحال في المثلث ، فإنّه يقصّر إذا بلغ مجموع الضلعين ثمانية فراسخ. فالمسافة المستديرة والمسافة المستقيمة والمسافة المنكسرة كلّها شرع سواء فيما هو مناط للتقصير حسبما عرفت.
وأمّا الصورة الثانية : أعني ما لو كان البلد مركزاً للدائرة ، فخرج عن بلده بالخط المستقيم مثلاً إلى أن بلغ الدائرة فسار فيها وطاف حول البلد ، بحيث تكون نسبته إلى البلد في جميع الحالات على حد سواء إلى أن وصل إلى المكان الذي شرع منه في السير ، فهل يكون حكمه التقصير أيضاً إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ كما في الصورة الأُولى؟ الظاهر هو التفصيل.
إذ تارة تكون الدائرة قريبة من البلد جدّاً بحيث لا يصدق معها عنوان السفر لكونها من توابعه وملحقاته ، كما لو خرج من النجف إلى آخر ضواحيه ثمّ طاف حوله لغاية الزراعة أو التفرّج ونحوهما من الغايات المشروعة.
فحينئذ لا إشكال في لزوم التمام وإن بلغ به السير عشرة فراسخ ، بل عشرين لفرض كبر البلد ، لأنّ سيره خارج البلد كسيرة داخل البلد في عدم صدق عنوان المسافر عليه ، ولا بدّ في التقصير من صدق هذا العنوان ، لما تقدّم (١) من
__________________
(١) في ص ٨ ، ١٣.