.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّ صحيحة زرارة ظاهرة في أنّ العبرة بنفس القصد ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا ، وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلّاها ركعتين؟ قال : تمت صلاته ولا يعيد» (١).
فلو كنّا نحن وهذه الصحيحة لكانت دالّة على أنّ الثمانية كإقامة العشرة يراد بها القصد الموجود في أُفق النفس ، لحكمه (عليه السلام) بالتقصير على مجرّد إرادة السفر وإن لم يبلغ سيره الثمانية خارجاً.
إلّا أنّ هذه الصحيحة معارضة في موردها بصحيحة أبي ولاد المتضمّنة لإعادة الصلاة التي صلّاها قصراً إذا بدا له الرجوع قبل بلوغ المسافة (٢) ، فتسقطان بالمعارضة ، فنبقى نحن وتلك الروايات الأوّلية الدالّة على أنّ العبرة بنفس المسافة الخارجية ، سواء أكانت مقرونة بالقصد أم لا.
لكنّا علمنا من موثّقة عمّار عدم كفاية الثمانية بمجرّدها ، بل في خصوص ما إذا كانت مقصودة من مبدأ السفر ، حيث قال (عليه السلام) : «لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، فليتمّ الصلاة» (٣).
فإنّه (عليه السلام) حكم بالتمام مع أنّ المفروض في السؤال قطع الأكثر من ثمانية فراسخ ، لكن عارياً عن قصدها من أوّل الأمر ، بل كان ذلك بعزمين وقصدين.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٢١ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٥ ح ١.
(٣) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.