.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : أن يكون مكرهاً عليه ، فيسير باختياره وإرادته ولكن من غير طيب النفس ، بل بإكراه من الغير وتوعيد منه على العقوبة ، ولولاه لما سافر ، نظير المعاملة المكره عليها.
الثالث : أن يكون مضطراً إليه ، لضرورة تدعوه إليه من معالجة مريض أو مضايقة دين ونحو ذلك ، وهو المراد من المجبور في عبارة المتن ، فهو يسافر عن قصد واختيار غير أنّه لا يرضى به إلّا بالعنوان الثانوي ، لما يترتّب عليه من رفع الضرورة الملحّة ، نظير البيع الاضطراري المحكوم بالصحّة من أجل أنّ البطلان على خلاف الامتنان ، بخلاف البيع المكره عليه كما هو محرّر في محلّه (١).
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الإشكال في وجوب التقصير في هذه الصور الثلاث بمقتضى إطلاق الأدلّة ، إذ لا يلزم إلّا السير إلى المسافة مع قصدها ، المتحقّق في جميع هذه الفروض ، ولم يقيّد شيء من الأدلّة بالاختيار المقابل للإكراه أو الاضطرار كما هو ظاهر.
إنّما الكلام في الصورة الرابعة : وهي ما إذا لم يكن السير باختياره أبداً ، كما لو أُخذ وشدّت يداه ورجلاه مثلاً وأُلقي في السفينة ونحوها ، فهل يحكم عليه أيضاً بالقصر ، أو أنّه محكوم بالتمام لانتفاء الإرادة وسلب الاختيار؟
الظاهر هو الأوّل ، لإطلاق الأدلّة الشامل لصورتي الاختيار وعدمه ، بعد التلبس بمجرّد القصد وإن لم يستند إلى الاختيار ، مثل قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (٢) بضميمة ما ثبت من الخارج من الملازمة بين الإفطار والتقصير ، ونحوه النصوص (٣) الدالّة على لزوم التقصير
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٣ : ٢٩٣ ، ٢٨٧.
(٢) البقرة ٢ : ١٨٤.
(٣) المتقدِّمة في ص ٤ ٥.