.................................................................................................
______________________________________________________
في بريدين أو بريد ذاهباً وبريد راجعاً ، أو مسيرة يوم أو بياض النهار ، فإنّها مطلقة من حيث الاختيار وعدمه.
بل لو كنّا نحن وهذه المطلقات لحكمنا بكفاية قطع المسافة كيف ما اتّفق ولو لا عن قصد ، إلّا أنّه قد ثبت من الخارج تقييده بالقصد ، فبهذا المقدار نرفع اليد عن الإطلاق. وأمّا الزائد عليه أعني تقييد القصد بصدوره عن الاختيار فمدفوع بأصالة الإطلاق بعد خلوّ دليل التقييد عن اعتناق هذه الخصوصية. ولمزيد التوضيح ينبغي التعرّض لأدلّة التقييد بالقصد لتستبين صحّة ما ادّعيناه من عدم التقييد بالاختيار.
فمنها : الإجماع المدّعى على اعتبار قصد المسافة في وجوب التقصير.
وهو لو تمّ وكان إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام) لم يقتض إلّا اعتبار طبيعي القصد الجامع بين الاختيار وغيره ، المساوق لمجرّد العلم ، نظير اعتبارهم القصد في إقامة العشرة الذي لإيراد به هناك إلّا هذا المعنى جزماً ، ومن ثمّ حكموا بالتمام في من اجبر على المكث في مكان عشرة أيام كما في المحبوس وإن كان فاقداً للاختيار.
وكيف يحتمل تقييدهم القصد فيما نحن فيه بالاختيار مع ذهاب المشهور إلى وجوب التقصير على المكره على السفر ، بل في المستند دعوى الإجماع عليه (١) ويقتضيه إطلاق كلامهم في الأسير كما لا يخفى. وهذا كلّه يكشف عن أنّ مرادهم بالقصد أعمّ من مجرّد العلم كما عرفت ، لا خصوص الحصّة الاختيارية.
ومنها : موثّقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فيها : «لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، فليتم الصلاة» (٢).
__________________
(١) المستند ٨ : ٢٢٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.