.................................................................................................
______________________________________________________
الواقعية لم تكن إلّا التمام وإن تخيّل أنّها القصر. فلا مناص من إعادتها بعد عدم قيام الدليل على الإجزاء حسبما عرفت.
وملخّص الكلام في المقام : أنّ صحيحة زرارة دلّت بالدلالة المطابقية على نفي الإعادة عمّن قصّر في موضوع البحث لزعمه أنّه يقطع المسافة ولم يقطعها خارجاً ، وبمقتضى الدلالة الالتزامية دلّت على نفي القضاء أيضاً ، إذ أنّ نفي الإعادة في الوقت يستوجب نفي القضاء خارجه بالأولوية القطعية ، ضرورة أنّ القضاء تابع للفوت ، وعدم الإعادة في الوقت كاشف قطعي عن عدم فوت شيء منه ، وإلّا لزم الأمر بالتدارك الممكن في الوقت ، لقبح تفويت الغرض الملزم كما هو واضح. فعدم الإعادة يستلزم عدم القضاء بطريق أولى.
وأمّا صحيحة أبي ولاد فالأمر فيها بالعكس ، فإنّها دلّت بالدلالة المطابقية على وجوب القضاء خارج الوقت ، لأنّ موردها هو ذلك ، إذ المفروض في السؤال أنّه بدا له في الليل الرجوع إلى الكوفة ، فيسأل لا محالة عن حكم ما صلاه في النهار الذي خرج وقته بدخول الليل.
وعليه فتدلّ بالمطابقة على وجوب القضاء. وبما أنّ الحكم بالقضاء يستلزم الحكم بالإعادة بالأولوية القطعية ، لكشفه عن فوت ملاك ملزم يجب تداركه وإن فاتت مصلحة الوقت ، فوجوبه مع إمكان درك هذه المصلحة بطريق أولى. فالصحيحة تدلّ بالدلالة الالتزامية على وجوب الإعادة إذا كان الرجوع عن قصده قبل خروج الوقت.
إذن تقع المعارضة بينها وبين صحيحة زرارة على سبيل المباينة ، للتنافي بين الدلالة المطابقية من كلّ منهما مع الدلالة الالتزامية من الأُخرى ، فتدلّ صحيحة زرارة على نفي الإعادة بالمطابقة وعلى نفي القضاء بالالتزام ، كما تدلّ صحيحة أبي ولاد على وجوب القضاء بالمطابقة ووجوب الإعادة بالالتزام ، فتتعارضان في مدلوليهما تعارضاً كلّياً.