.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا المعارضة بين صحيحة زرارة وصحيحة المروزي فظاهرة جدّاً ، إذ الإعادة مورد للنفي في الأُولى ، وهي بنفسها مورد للإثبات في الثانية.
وبعد استقرار المعارضة فإن كان ثمّة ترجيح لأحد الطرفين فهو ، وإلّا فيتساقطان ويرجع بعدئذ إلى ما تقتضيه القواعد الأوّلية ، هذا.
وصاحب الحدائق نقل عن بعض مشايخه المحقّقين أنّه احتمل حمل صحيحتي أبي ولاد والمروزي على التقيّة ، لموافقتهما مع مذهب العامّة ، فيكون الترجيح مع صحيحة زرارة (١).
ولكن في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي ما لفظه : فلو خرج يقصد سفراً بعيداً فقصّر الصلاة ثمّ بدا له فرجع كان ما صلاه ماضياً صحيحاً ، ولا يقصّر في رجوعه إلّا أن تكون مسافة الرجوع مبيحة بنفسها (٢). ولم يذكر خلافاً في المسألة ، وعليه كان الموافق لمذهب العامّة هي صحيحة زرارة ، فتكون هي المحمولة على التقية دون الصحيحتين ، والترجيح معهما لا معها.
ومع الإغماض عن ذلك فحيث لا ترجيح لشيء من الطرفين فيتساقطان والمرجع حينئذ عموم ما دلّ على عدم التقصير في أقل من بريدين ثمانية فراسخ الذي لازمه وجوب الإعادة والقضاء معاً ، إذ المأمور به وهو التمام لم يأت به وما أتى به من القصر لا أمر به إلّا أمراً خيالياً خطئياً بزعم قطع المسافة وقد انكشف خلافه ، ومن البديهي أنّ الأمر الخيالي غير مجز عن الواقع.
فتحصّل : أنّ وجوب القضاء فضلاً عن الإعادة لو لم يكن أقوى فلا ريب أنّه أحوط.
__________________
(١) الحدائق ١١ : ٣٣٦.
(٢) المغني ٢ : ٩٦.