وإن كان غنيّاً في وطنه (١).
______________________________________________________
ابن السبيل فلا ينافيه الإتمام ، بل ربّما كان مؤكّداً للعنوان ، لكشفه عن عجزه عن الخروج عن البلد حتّى بمقدار يسير موجب للتقصير فضلاً عن العود إلى الوطن.
وبالجملة : المقوّم لمفهوم ابن السبيل هو المسافر المنقطع لا المسافر المقصّر ، وقد تقدّم في صلاة المسافر أنّ الحكم عليه بالإتمام تخصيصٌ حكمي لا خروج موضوعي ، فهو مسافر محكوم عليه بالإتمام.
وما في بعض الأخبار من أنّ المقيم بمكّة عشرة بمنزلة أهلها ، لا يمكن الأخذ بها حتّى في موردها ، فالمقيم مسافر يتمّ تخصيصاً في دليل وجوب التقصير على المسافر ، فهو أيضاً من مصاديق ابن السبيل.
(١) فإنّ ابن السبيل بعنوانه الخاصّ موضوع مستقلّ للزكاة في قبال سائر العناوين من الفقير والمسكين وغيرهما ، ومقتضى الإطلاق ولا سيّما بقرينة المقابلة عدم اعتبار الفقر الشرعي فيه ، فيجوز الإعطاء لكلّ محتاج في السفر وإن كان غنيّاً في بلده ، بل ومن الطبقة الراقية من الأغنياء.
وقد تقدّم غير مرّة عدم التنافي بينه وبين ما دلّ على أنّه لا تحلّ الصدقة للغني ، حيث عرفت أنّ الممنوع هو الدفع للغني بشخصه على حذو الدفع للفقير ليتملّكه ويتصرّف فيه كيفما شاء. أمّا في المقام فيعطى لعنوانه الخاصّ وهو كونه ابن السبيل ليصرفه في جهة معيّنة وهي الإيصال إلى البلد من غير تمليك للشخص ، كما في نظيره في الغارم من الصرف في أداء الدين فحسب.
ولعلّه يشير إلى هذا الفرق اختلاف التعبير في الآية المباركة حيث تضمّنت التعدية بلام الملكيّة في مصارف أربعة وب «في» الظرفيّة في الأربعة الباقية ، فقال عزّ من قائل (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ)