.................................................................................................
______________________________________________________
لعدم تمكّنه بعدئذٍ من تفريغ الذمّة بالإعطاء إلى الغير ، ضرورة أنّ نفوذ النذر أوجب حرمته ، وبما أنّ الزكاة عبادة فتحريمها مساوق لفسادها ، ومعه يستحيل التفريغ ، فيلزم من انعقاد النذر عدم انعقاده. وهو كما ترى.
ولا يقاس ذلك بنذر التفريغ بالدفع لخصوص زيد ، لما عرفت من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه. أمّا في المقام فنفس العبادة متعلّق للنهي الذي هو مصبّ النذر ومفاده.
كما لا يقاس بمثل نهي الحائض عن العبادة ، إذ المنهي هناك هو الذات القابلة للفساد ، أمّا في المقام فالمنهي هو الوصف العنواني ، لأنّه الذي يكون مصداقاً للتفريغ ، ومثله يمتنع اتّصافه بالفساد ، إذ لا تفريغ إلّا بعبادة صحيحة ، فيلزم من وجوده عدمه كما عرفت.
ودعوى أنّ المنذور تركه بالآخرة مصداق للطبيعة ، وانطباقها على أفرادها قهري ، كما أنّ التخيير بينها عقلي ، فلا مانع من حصول الإجزاء وإن ارتكب الإثم بمخالفة النذر.
مدفوعة بأنّ أفراد الطبيعة هي نفسها بالذات ، والكلّ موجود بوجود واحد يضاف إلى الطبيعي مرّة وإلى الأفراد اخرى ، والخصوصيّات المفردة لا تزيد عليه بشيء ، ومعه يمتنع أن يكون الوجود الواحد محكوماً بحكمين ، وإنّما يتّجه ذلك فيما إذا كان الفرد مشتملاً على خصوصيّة زائدة على ما يقتضيه أصل الطبيعة بحيث تكون منحازة ومفارقة عنها وموجودة بوجود آخر ، كالصلاة مكشوف الرأس ، فإنّه لا مانع من انعقاد النذر بترك هذه الخصوصيّة ، فلو صلّى مكشوفاً كان مطيعاً وعاصياً كلّ من جهة ، ولا ضير فيه.
أمّا في المقام فالخصوصية من قبيل الأوّل ، ومرجع النذر إلى نذر عدم إيجاد الطبيعة وعدم امتثال أمر الزكاة في ضمن ذاك الفرد ، وقد عرفت أنّه إذا تعلّق بعدم التفريغ فهو غير قابل للانعقاد من أصله ، إذ يلزم من وجوده عدمه ، فلاحظ.