ولكن الأحوط حينئذٍ الاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الإمكان (١).
______________________________________________________
هذه الأخبار عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، لابتلائهم بخلفاء الجور وغيرهم من أبناء العامّة المعاندين لهم والمانعين حقّهم من الخمس ، بل أنّ كثيراً من خواصّهم لقلّة ابتلائهم به لم يكونوا يعرفون كثيراً من أحكامه ، ومع ذلك فقد صدرت هذه الأخبار ومنعتهم عن أخذ الزكاة. وهذا كما ترى خير شاهد على أنّ مجرّد منعهم عن الخمس وحرمانهم عنه لا يكون مجوّزاً لأخذ الزكاة ما لم يصل حدّ الضرورة الملحّة البالغة حدّ أكل الميتة كما تضمّنه النصّ.
وأمّا التعليل بالعوضيّة فلا يخلو عن الغرابة ، ضرورة أنّ العوضيّة إنّما هي في الجعل والتشريع لا في متعلّق الجعل أعني : المال الخارجي فالزكاة جعلها الله سبحانه للفقراء ، وبدلاً عن ذلك جعل الخمس للسادة ، وهذه البدليّة والعوضيّة باقية أبديّة ، سواء اعطي الخمس لهم خارجاً أم لا ، فلا سقوط له لينتقل إلى المعوّض ، لما عرفت من أنّ التعويض إنّما هو في الجعل لا في المجعول.
والمتحصّل : أنّ العبرة بالضرورة ، فمتى تحقّقت حلّت الزكاة وإلّا فلا.
(١) قد عرفت أنّ العبرة بصدق الضرورة ، ويختلف أمدها باختلاف المقامات ، فربّما تندفع الضرورة بوجبة واحدة من الغذاء أو العشاء ، وأُخرى بأقلّ من يوم وثالثة بيوم كامل ، وربّما يعلم باحتياجه في أكثر من ذلك كما لو كان في بادية يعلم باضطراره إليها لمئونة شهر أو شهور بل سنة ، بحيث ربّما يموت من الجوع لو لم يستلم فعلاً ما يكفيه لهذه المدّة ، وربّما يكون مديناً بمبلغ كثير جدّاً ويضطرّ إلى أدائه وإلّا لعوقب أو اهين بما لا يتحمّل ، فإنّه يجوز له الأخذ في هذه الموارد بمقدار الحاجة.
وعلى الجملة : فلا خصوصيّة للتحديد باليوم كما في المتن ، بل المدار والاعتبار باندفاع الاضطرار وهو يختلف باختلاف الموارد حسبما عرفت.