.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّ البشر بل كلّ ممكن فهو في جميع شؤونه من معاشه ومعاده وحركاته وسكناته بل حتّى في وجوده فقيرٍ ، أي محتاج إلى الله تعالى.
ولكن كثيراً ما يستعمل في صنف خاصّ من الاحتياج ، وهو الاحتياج من حيث المال ، فيقال : زيد فقير ، أي محتاج إلى المال ، قال تعالى (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (١) ، وقال تعالى (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) (٢).
ولا يعتبر في هذا الاستعمال عدم السؤال جزماً وإن ورد ذلك في الصحيحتين الآتيتين وستعرف الحال فيهما فإنّ الإطلاق العرفي صادق حتّى مع السؤال بالضرورة ، كيف؟! وقد أُطلق الفقير على البائس الذي هو أسوأ حالاً من المسكين فضلاً عن الفقير في الذكر الحكيم ، قال تعالى (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) (٣).
فلا يعتبر في مفهوم الفقر عدم السؤال وإن جعل ذلك فارقاً بينه وبين المسكين في النصّ المشار إليه واختصّ المسكين بمن يسأل ، لصحّة الإطلاق حتّى في مورد السؤال بلا إشكال كما عرفت.
وأمّا المسكنة فهي مطلق الذلّة ، قال تعالى (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (٤) ، في قبال العزّة ، فإنّ اليهود كانوا مطرودين أذلّاء وإن كانوا أغنياء ، فالمسكين هو الذليل والضعيف ، قال تعالى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) (٥) أي لضعفاء أذلّاء ، ولم يعلم أنّهم كانوا فقراء.
__________________
(١) النِّساء ٤ : ٦.
(٢) النِّساء ٤ : ١٣٥.
(٣) الحج ٢٢ : ٢٨.
(٤) البقرة ٢ : ٦١.
(٥) الكهف ١٨ : ٧٩.