.................................................................................................
______________________________________________________
وكيفما كان ، فيستدلّ لكون المئونة المزبورة من الزكاة تارةً بأنّها لمصلحتها ، وأُخرى بأصالة البراءة عن تحمّلها.
وكلاهما كما ترى :
أمّا الأوّل : فلعدم الدليل على جواز صرف كلّ ما كان في مصلحة المال ما لم تثبت الولاية للمتصرّف ، ألا ترى أنّه لا يجوز إصلاح دار الجار بمال الجار ما لم يوكّله في ذلك.
وبالجملة : ما لم تثبت الولاية على التصرّف في الزكاة لا يجوز الصرف منها في حفظها وإن كان لصالحها.
وأمّا الثاني : فإن أُريد به أصالة البراءة عن وجوب الصرف على المالك فهو وإن صحّ لكنّه لا يثبت جواز الصرف من الزكاة ، فإنّ غاية ما هناك وجوب الإيصال إلى المستحقّ ، وأمّا جواز الصرف منها للإيصال فالأصل المزبور لا يقتضيه.
وإن أُريد به أصالة البراءة عن الضمان لو صرف ، فمن البيّن أنّه لا مساغ لهذا الأصل بعد إطلاق ما دلّ على سببيّة الإتلاف للضمان الذي لا قصور في شموله للمقام ، فإنّه لا مجال للأصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي. إذن فلا مناص من التماس دليل آخر غير ما ذكر.
ويمكن أن يستدلّ له باندراج المقام في الأُمور الحسبيّة ، إذ بعد خروج الزكاة المعزولة عن ملك المالك والقطع من مذاق الشرع بعدم رضائه ببقائها كذلك وتعطيلها إلى أن يعرضها التلف ، بل لا بدّ من إيصالها إلى أربابها وصرفها في مستحقّها ، فلا جرم يجب حسبةً على كل أحد التصدّي لذلك والقيام بهذا المهمّ ، بماله من المقدّمات التي منها صرف مقدار منها في سبيل مئونة النقل إمّا بإجازة من الحاكم الشرعي إن كان ، وإلّا فمن عدول المؤمنين ، ولو لم يكن أحد فطبعاً يكون هو المتولّي والمتصدّي لذلك.