.................................................................................................
______________________________________________________
غنيّاً بالدين ، ولا تنافي بين الأمرين ، ومن ثمّ تجب الزكاة على من تملّك النصاب وإن كان عليه دين ، قال : لأنّ الدين في الذمّة والزكاة في العين (١).
أقول : قد تقدّم عند التكلّم حول شرط الفقر : أنّ من ملك فوق سنته بالفعل أو بالقوّة فهو غني شرعاً لا يستحقّ الزكاة من سهم الفقراء وإن كان عليه دين خارجي. نعم ، يستحقّها من سهم الغارمين ، وهو أمر آخر خارج عمّا نحن بصدده ، فالدين بما هو دين لا يمنع عن صدق الغنى شرعاً بل ولا عرفاً. ألا ترى أنّ كثيراً من التجار والأغنياء لعلّهم مدينون بأكثر ممّا يملكون من جهة المظالم والكفّارات أو الإتلافات والضمانات أو المعاملات الفاسدة ونحو ذلك من موجبات شغل الذمّة ، ومع ذلك يعدّون عرفاً من الأغنياء بل الأثرياء ، فلا تضادّ ولا تعاند بين الغنى وبين الدين بوجه.
لكن هذا يختصّ بالغنى الناشئ من غير ناحية الدين والذي لم يكن مسبّباً عنه ، كمن كانت له مزرعة أو حرفة تفي بقوت سنته ومعيشة عائلته ، فإنّه ما لم يصرفها في سدّ الدين غنيٌّ شرعاً بل وعرفاً أحياناً حسبما عرفت.
وأمّا الناشئ عن الدين نفسه والمتسبّب عنه الذي هو محلّ الكلام في المقام ، كمن كانت مئونة سنته مائتي دينار ولم تكن له حرفة ولا مال فاستدانها في أوّل السنة ، فإنّه لا ينبغي التأمّل في عدم خروجه عن عنوان الفقر بمجرّد هذه الاستدانة ، فإنّها لا تستوجب انقلاب الموضوع بعد أن كانت الحاجة لا تزال باقية وإن كان مالكاً لقوت السنة ، إذ أنّ هذه الملكيّة نشأت من نفس الدين لا غير فهو متّصف بالفقر لاحقاً كما كان كذلك سابقاً وإن تغيّرت جهة الفقر وتبدّل بلون آخر.
وعليه ، فلا مانع من احتساب الزكاة عليه بعد حلول الحول ما دام الدين
__________________
(١) السرائر ١ : ٤٥٥.