.................................................................................................
______________________________________________________
والذي ينبغي أن يقال في المقام : إنّ الحالة السابقة إن كانت هي الفقر فهو فعلاً فقير شرعاً بمقتضى الاستصحاب فيجوز دفع الزكاة إليه سواء ادّعى الفقر أم لا.
وإن كانت هي الغنى فلا يجوز الدفع إليه ما لم يثبت فقره بحجّة شرعيّة حاكمة على استصحاب غناه ، ومجرّد الدعوى الصادرة منه غير مسموعة كما لا يخفى ، لعدم الدليل على اعتبارها ، والوجوه التي استُدلّ بها على الاعتبار من الحمل على الصحّة أو سماع الدعوى بلا معارض وغير ذلك ممّا قيل في المقام كلّها واهية لا ينبغي الإصغاء إليها ، فإنّ الدعوى بلا معارض موردها الأموال فقط ، فلو كان مال بين جماعة وقد ادّعاه واحد منهم ولم يعارضه الآخرون سمع منه بمقتضى النصّ الخاصّ الوارد فيه ، لا أنّ كلّ من يدّعي شيئاً كالاجتهاد أو العدالة أو الفقر أو غير ذلك ولم يعارضه غيره يسمع منه من غير مطالبته الدليل من بيّنة ونحوها ، فإنّ هذا واضح الفساد.
وكيفما كان ، فتلك الوجوه كلّها مزيّفة ولا يرفع اليد عن الاستصحاب إلّا بدليل قاطع أو حجّة معتبرة ، فلا تسمع دعوى الفقر في قبال استصحاب الغنى ، وإن أفادت الظنّ فإنّه لا يغني عن الحقّ ، بل قد قامت الأدلّة القطعيّة على عدم الحجّيّة كما هو محرّر في محلّه ، والظنّ خلاف اليقين ، ولا يرفع اليد عن اليقين السابق إلّا بيقين مثله.
نعم ، الظن القوي البالغ حدّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة وعلم تعبّدي ، فهو ناقض للاستصحاب ، فيرفع اليد عنه ولو بمثل هذا الدليل ، وأمّا دون ذلك فكلّا.
وأمّا لو كانت الحالة السابقة مجهولة فالظاهر سماع قوله ، نظراً إلى أنّ الفقر مرجعه إلى عدم الغنى ، وهذا العدم متحقّق سابقاً بالإضافة إلى كلّ بشر ، ولا أقلّ من حين الولادة ، فإنّه يولد ولا مال له إلّا شاذّاً ويطرؤه الغنى بعد ذلك