وقال ابن عبد البر (١٤٠٢) في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي ، أدرك النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولم يحفظ عنه ، ولا سمع عنه ، وأبوه خالد بن الوليد من كبار الصحابة وجلَّتهم ، وكان عبد الرحمن من فرسان قريش وشجعانهم ، وكان له فضل وهدى حسن وكرم ، إلا أنه كان منحرفا عن عليّ وبني هاشم مخالفة لأخيه المهاجر بن خالد ، وكان أخوه المهاجر محبا لعلي ، وشهد معه الجمل وصفّين ، وشهد عبد الرحمن صفّين مع معاوية (١) ، ثم إنه قد كبرت سنّي ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم فأروا رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا ، وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد ، فشقّ ذلك على معاوية ، وأسرّها في نفسه. ثم إن عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا ـ وكان عنده مكينا ـ أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانحرق بطنه ، فمات ، ثم دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفيا هو وغلام له ، فرصدا ذلك اليهوديّ ، فخرج ليلا من عند معاوية ، فهجم عليه ومعه قوم هربوا عنه ، فقتله المهاجر ، وقصّته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها ، ذكرها عمر بن شبّة في أخبار المدينة وذكرها غيره. (٢)
__________________
(١) قال ابن قتيبة الدينوري في الاخبار الطوال ١٨٥ كانت راية أهل الشام العظمى مع عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد ، وكان يحمل بها فلا يلقاه شيء إلا هذه ، وكان من فرسان العرب ، وكانت من أهل العراق جولة شديدة ، فنادى الناس الأشتر ، وقالوا : (أما ترى اللواء أين قد بلغ؟) ، فتناول الأشتر لواء أهل العراق ، فتقدم به ، وهو يرتجز :
إني أنا الأشتر معروف الشتر |
|
إني أنا الأفعى العراقي الذكر |
فقاتل أهل الشام حتى رد اللواء ، وردهم على أعقابهم ، ففي ذلك يقول النجاشي :
رأيت اللواء كظل العقاب |
|
يقحمه الشامي الأخزر |
دعونا له الكبش العراق |
|
وقد خالط العسكر العسكر |
فرد اللواء على عقبه |
|
وفاز بحظوتها الأشتر |
والذَّكَر القوي الشجاع والخزر بالتحريك انكسار بصر العين خلقة ، أو ضيقها وصغرها.
(٢) ابن عبد البر ، الاستيعاب ج ٢ ص ٨٣٠.