المطالعات بنطاقها الواسع ، الأساس الذي بنى عليه الحسن خطواته المستقبلية فيما مهده لنفسه ولعدوه معا. وكان من طبيعة الحال ، أن تلقي هذه الخطوات قيادتها إلى الحسين فيما لو حيل بين الحسن وبين قيادتها بنفسه. وهذا هو ما أردناه في بداية هذا القول. وهكذا كانت نهضة الحسين الخالدة الخطوة الجبارة في خطة أخيه العبقري العظيم. «انظر التعليقة رقم ١٢».
وقال رحمه الله تعالى تحت عنوان (زعماء الشيعة المروعون) : وذكر أولهم عبد الله بن هاشم المرقال : كان كبير قريش في البصرة ، ورأس الشيعة فيها. وكان أبوه هاشم ـ المرقال ـ بن عتبة بن أبي وقاص ، القائد الجريء المقدام الذي لقي منه معاوية إلى عامله زياد : «اما بعد ، فانظر عبد الله بن هاشم بن عتبة ، فشد يده على عنقه ، ثم ابعث به إلي». فظرقه زياد في منزله ليلا ، وحمله مقيدا مغلولا إلى دمشق. فأدخل على معاوية ، وعنده عمرو بن العاص ، فقال معاوية لعمرو : «هل تعرف هذا؟» قال : «هذا الذي يقول أبوه يوم صفين ...» وقرأ رجزه وكان يحفظه ثم قال متمثلا :
وقد بنبت المرعى على دمن الثرى
وتبقى حزازات النفوس كما هيا
واستمر قائلا : «دونك يا أمير المؤمنين الضب المضب ، فأشخب أوداجه على أثباجه ، ولا ترده إلى العراق ، فإنه لا يصبر على النفاق ، وهم أهل الغدر وشقاق وحزب إبليس ليوم هيجانه ، وانه له هوى سيوديه ، ورأيا سيطغيه ، وبطانة ستقويه ، وجزاء سيئة مثلها». وكان مثل هذا المحضر ومثل هذا التحامل على العراق وأهله هو شنشنة عمرو بن العاص المعروفة عنه ، ولا نعرف أحدا وصف أهل العراق هذا الوصف العدو قبله.
أما ابن المرقال فلم يكن الرعديد الذي يغلق التهويل عليه قريحته ، وهو الشبل الذي تنميه الأسود الضراغم فقال ، وتوجه بكلامه إلى ابن الاص : «يا عمرو! ان اقتل ، فرجل أسلمه قومه ، وادرك يومه. أفلا كان هذا منك إذ تحيد عن القتال ، ونحن ندعوك إلى النزال ... فقال عمرو : «أما والله ... لا أحسبك منفلتا من مخالب أمير المؤمنين». فقال معاوية : «أيها عنكما». وأمر باطلاق عبد الله لنسيبه «انظر التعليقة رقم ١٣».