٢ ـ وخلقت له معارضة الطبقات التي شملتها بنود المعاهدة ، سواء في الأمان المفروض فيها ، أو في الحقوق المالية المنصوص عليها. فإذا بعالم عظيم من الناس أصبح ينظر إلى معاوية نظره إلى العدو الواتر في النفس والمال ، بما نقضه من شروطهم ، في نفوسهم وأموالهم.
٣ ـ وظن معاوية أنه سيجعل من نقضه معاهدة الحسن وضعا شكليا لبيعة ابنه يزيد ، يتغلب به على عنعنات الإسلام المقررة بين المسلمين في أمر البيعة وصلاحية الخلافة. ولكنه لم يلبث أن اصطدم بالواقع ، فإذا بهذه البيعة الجديدة ، مثار النقمة الإسلامية العامة التي أصبحت تتحسس منذ ترشيح يزيد للخلافة بنوايا بني أمية من الإسلام.
٤ ـ ثم كانت البوائق الدامية التي جهر بها معاوية بعد نقض الصلح ، في قتله خيار المسلمين ـ من صحابة وتابعين ـ بغير ذنب ، عوامل أخرى للتشهير به ، ولتحطيم معنوياته المزعومة ، تمشيا مع الخطة المكينة ، التي أراها الامام الحسن عليهالسلام منذ قرر الاقدام على الصلح.
٥ ـ وقضية الحسين في كربلاء سنة (٦١) هجرية ، كبرى قضايا الحسن فيما مهد له من الزحف على عدوهما المشترك ، وعدو أبيهما من قبل. ولا ننسى أنه قال له يوم وفاته : «ولا يوم كيومك أبا عبد الله». وهذه الكلمة على اختزالها ـ المقصود ـ هي الرمز الوحيد الذي سمع من الحسن عليهالسلام ، فيما يشير به إلى الخطة المقنعة بالسر ، التي اعتورها الغموض من ست جهاتها ، منذ يوم الصلح إلى يوم صدور هذا الكتاب. وانك لتقرأ من هذه الكلمة لغة «القائد الأعلى» الذي يوزع القواد لوقائعهم ، ويوزع الأيام لمناسباتها ، ثم يميز أخاه ويوم أخيه فيقول : «ولا يوم كيومك ..». وكان من طبيعة الحال ان تبعث المناسبات الزمنية حلقات الخطة كلا ليومها. وكان لابد لكل حلقة أن توقظ الأخرى ، وأن تؤرث السابقة اللاحقة ، وتوقد الأولى جذورة الثانية ، وهكذا دواليك. وحسب الحسن لكل هذه الخطوات حسابها المناسب لها ، منذ قاول معاوية على هذا الصلح المعلوم ، ودرس ـ إلى ذلك ـ نفسيات خصومه بما كانت تشرئب له من النقمة عليه وعلى أخيه وعلى شيعته وعلى أهدافه جميعا. وكانت هذه