وآل إبراهيم هؤلاء قد أورثهم النبي صلىاللهعليهوآله بأمر الله تعالى الكتاب وبيانه وراثة خاصة قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)) فاطر / ٣٢ فالوارث للكتاب هو السابق بالخيرات. اما المقتصد فهو المتعلم منهم ، اما الظالم لنفسه فهو التارك لهم الصادّ عنهم. وهذه الوارثة نظير وراثة آل هارون تراث موسى المشار إليه في قوله تعالى (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) البقرة / ٢٤٨.
وقد كلف الله تعالى هؤلاء الوارثين السابقين بالخيرات بإذن الله ان يحفظوا الرسالة بعد النبي وعرضهم على الناس أئمة هدى وفرض الاقتداء بهم (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)) الأنعام. (١)
وقد أكد النبي صلىاللهعليهوآله مفاهيم هذه الآيات بقوله : (اني تارك فيكم أمرين (وفي رواية ثقلين) (٢) لن تضلوا إن اتبعتموهما (وفي رواية ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا) : كتاب الله وعترتي أهل بيتي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. ثم قال صلىاللهعليهوآله : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : نعم. فقال صلىاللهعليهوآله : من كنتم مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
__________________
(١) كرسنا كتابا خاصا لبحث الإمامة الإلهية لأهل البيت في ضوء القرآن وقبل الرجوع إلى السنة النبوية المطهرة.
(٢) حديث الثقلين وهو من الأحاديث المتواترة عند الطرفين وقد خرجه الفتلاوي في كتابه الكشاف المنتقي عن اكثر من مئة مصدر منها : (مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ص ٩٤١. والترمذي ، سنن الترمذي ص ٨٥٨. وابن أبي شيبة ، المصنف ج ٦ ص ٣١٣. والدارمي ، سنن الدارمي ص ٥٥٠. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ، ج ١٠ ص ٤٨ وفي مواضع متعددة منه. والنسائي ، السنن الكبرى ج ٥ ص ٤٥. وابن الجعد ، مسند ابن الجعد ص ٣٩٧. والحاكم ، المستدرك على الصحيحين ج ٣ ص ١١٨. والبزار ، مسند البزار ج ١٠ ص ٢٤٠. وابن أبي عاصم ، السنة لأبي عاصم ، ص ٣٥٢ ـ ٣٥٤. والطبراني ، المعجم الكبير ، ج ٣ ص ٦٥ وفي مواضع متعدد منه. والنسائي ، فضائل الصحابة ص ١٥. والمتقي الهندي ، كنز العمال ، ج ١ ص ٩٩ وفي مواضع متعددة منه ، والهيثمي ، مجمع الزوائد ، دار الكتب العلمية ١٩٨٨ م ، ج ٩ ص ١٨٢ إلى غير ذلك من المصادر.