فقال «لست أقرئكها حتى تجعل لي عليك الله أن لا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك» ولم يقل : حتى يأذن لك أبي ،
فقلت : أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك؟
فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك»
فقلت : فذاك لك ، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا ، بصيرا بها ، حاسبا لها ، ألبث الزمان اطلب شيئا يلقيي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه ، فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفس وقلة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرأوه باطل حتى أتيت على آخره ثم أدرجتها ودفعتها إليه فلما أصبحت لقيت أبا جعفر عليهالسلام.
فقال لي «أقرأت صحيفة الفرائض؟»
فقلت : نعم ، فقال «كيف رأيت ما قرأت؟»
قال : قلت : باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه ،
قال «فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق ، الذي رأيت إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخط علي عليهالسلام بيده». (١)
وقد استغل الامام الباقر عليهالسلام تغير السياسية الأموية من الشدة إلى السماحة النسبية أيام عمر بن عبد العزيز (٩٩ ـ ١٠١ هـ) وكذلك الامام الصادق استغل أخريات العهد الأموي وبدايات العهد العباسي ان يربيا فقهاء الشيعة أمثال محمد بن مسلم وزرارة بن اعين وأبان بن تغلب (٢) وكان الامام الباقر يقول لهذا الأخير : (اجلس في مجلس المدينة
__________________
(١) الفيض الكاشاني ، الوافي ، مكتبة الامام أمير المؤمنين علي عليهالسلام العامة ـ أصفهان ١٤٠٦ هـ ج ٢٥ ص ٧٥١ ـ ٧٥٢. عن (الكافي ج ٧ ص ٩٤ والتهذيب ج ٩ ص ٢٧١).
(٢) قال الحموي ياقوت في مجمع الادباء ١ / ١٠٨ ابان بن تغلب بن رياح الجريري ، أبو سعيد البكري مولى بنى جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ـ ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مصنفي الإمامية ، ومات أبان في سنة إحدى وأربعين ومائة قال أبو جعفر هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا لقي أبا محمد علي بن الحسين ،