ولمّا بلغ الإمام ما حكم به الحكمان من الحكم الجائر ، قام خطيباً وقال ألا أنّ هذين الرجلين الذين اخترتموهما حكمين ، قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما وأحييا ما أمات القرآن ، واتّبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله ، فحكما بغير حجّة بيّنة ، ولا سنّة ماضية ، واختلفا في حكمهما ، وكلاهما لم يرشدا ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين. استعدّوا وتأهّبوا للمسير إلى الشام ، واصبحوا في معسكركم إن شاء الله ، ثم نزل وكتب إلى الخوارج بالنهر : « بسم الله الرحمن الرحيم. من عبدالله علي أميرالمؤمنين إلى زيد بن حصين (١) وعبدالله بن وهب ومن معهما من الناس. أمّا بعد فإنّ هذين الرجلين الذين ارتضينا حكمهما ، قد خالفا كتاب الله ، واتّبعا أهواءهما بغير هدى من الله ، فلم يعملا بالسنّة ، ولم ينّفذا للقرآن حكماً ، فبرىء الله ورسوله
__________________
١ ـ وهذا الرجل من الذين فرضوا التحكيم على الإمام وجاء هو مع مسعر بن فدكي بزهاء عشرين ألفاً مقّنعين في الحديد ، شاكّي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم وقد اسودّت جباههم من السجود ... نادوا الامام باسمه لابإمرة المؤمنين : يا علي أجب القوم إلى كتاب الله إذا دُعيت إليه ... لاحظ : وقعة صفّين ٥٦٠ وقد مرّ النصُّ أيضاً.