كافرين ، وقد تبنا فإن تبت كما تبنا فنحن منك ومعك وإن أبيت فاعتزلنا ، فانّا منابذوك على سواء ، إنّ الله لايحب الخائنين ، فقال عليّ : أصابكم حاصب ، ولابقي منكم وابر. اَبَعْد إيماني برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين ، ثمّ انصرف عنهم (١).
ولم يكتف الإمام بهذا الأمر ، بل كلّمهم في معسكرهم بما يلي : « أكلّكم شهد معنا صفّين؟ فقالوا : منّا من شهد ومنّا من لم يشهد. قال : فامتازوا فرقتين ، فليكن من شهد صفّين فرقة ، ومن لم يشهدها فرقة ، حتى اُكَلِّم كّلا منكم بكلامه ، ونادى الناس ، فقال :
امسكوا عن الكلام ، انصتوا لقولي ، واقبلوا بأفئدتكم إلىّ ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها.
ثمّ كلّمهم عليهالسلام بكلام طويل ، من جملته : ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلةً وغيلةً ومكراً وخديعةً : اخواننا وأهل دعوتنا ، استقالونا واستراموا إلى كتاب الله سبحانه ، فالرأي القبول منهم ، والتنفيس عنهم؟ فقلت لكم : هذا أمر ظاهره إيمان ، وباطنه عدوان ، وأوّله رحمة ، وآخره ندامة. فأقيموا على شأنكم ، وألزموا طريقتكم وعضّوا على الجهاد ، بنواجذكم ، ولاتلتفتوا إلى ناعق نعق ، إن اُجيب أضلّ وإن ترك ذلّ (٢).
ولمّا أتمّ الإمام الحجة عليهم ، ورأى أنّ آخر الدواء الكي ، فعبّأ الناس فجعل على ميمنته حجر بن عدي ، وعلى ميسرته شبث بن ربعي ، أو
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٦٠ ـ ٦٣. المسعودي : مروج الذهب : ٣ / ١٥٦. الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٣٦.
٢ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ١٢١.