وأبي عبيدة الجراح ، وبيعة الأوسيين من الأنصار ، وهؤلاء قد نسوا أوتناسوا النصّ النبوي يوم الغدير فقدَّموا الاجتهاد على النص ، ورجّحوا المصلحة المزعومة على التعيين الإلهي ، والعجب انّ أصحاب هذه الفكرة من بين المهاجرين والأنصار كانوا يستدلّون على مبدئهم في سقيفة بني ساعدة بأدلّة ومقاييس كانت سائدة في الجاهلية ، والتي لاصلة لها بالكتاب والسنّة :
مثلا : إنّ الأنصار رأوا أنّهم أولى من غيرهم بالخلافة ، لأّنهم آووا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونصروه في حروبه في زمان أخرجه قومه فيه من موطنه وخذلوه ، وقال خطيبهم الحبّاب بن المنذر بقوله : يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم فأنتم أحقّ بهذا الأمر منهم ، فانّه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين.
هذا منطق الأنصار ، وهلم معي نستمع منطق المهاجرين فقال أبوبكر ناطقاً عنهم : إنّ المهاجرين أقرباء النبي وعترته ، ودعمه عمر فقال ردّاً لمنطق الأنصار : والله لاترضى العرب أن تؤمّركم ونبيّها من غيركم ولاتمنع العرب أن تولّي أمرها من كانت النبوّة منهم ، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟
ترى أنّه ليس في منطق كل من المرشّحين أيّ استناد إلى الكتاب والسنّة فهذه تستدل بايوائهم رسول الله ونصرتهم إيّاه ، وتلك تستند إلى قرابته منه ، مع أنّه كان من اللازم عليهم الفحص عن قائد لائق عارف بالكتاب والسنّة ، مدير ومدبّر يملك كافّة المؤهّلات اللازمة في القيادة سواء أكان من المهاجرين أم من الأنصار أو من طائفة اُخرى
كل ذلك يعرب عن أنّ الفكرة كانت غير ناضجة أوّلا ، وانّ الانتخاب والاختيار لم يكن صادراً عن مبدأ الاسلامي ثانياً.