هذا وانّ طائفة من الأنصار أعنى الأوس بايعوا أبابكر بحجّة أنّهم إن لم يبايعوه ليكوننّ للخزرج عليهم فضيلة (١).
وهكذا ظهرت فرقتان بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمبدأ الذي اختلفتا فيه هو : مسألة الخلافة وقيادة الاُمّة ، وكان المترقّب بعد هذا الشقاق والاختلاف ، طروء حروب دامية بين الطرفين ، ولولا القيادة الحكيمة للامام علي عليهالسلام ومساهمته مع الخلفاء في مهامّ الاُمور ، والتنازل عن حقّه لَاْنجّر الأمر في حياة الخلفاء إلى الهلاك والدمار ، خصوصاً انّ المنافقين كانوا يترصّدون تلك الفرصة ويؤلّبون احدى الطائفتين على الاُخرى ليصطادوا في الماء العكر ، وفي التاريخ شواهد تؤيّيد ذلك وانّ القيادة الحكيمة لصاحب النص أعني الامام علياً أفشلت تلك الخطط الشيطانية نكتفي منها بما يلي :
روى الطبري : لمّا اجتمع الناس على بيعة أبي بكر أقبل أبوسفيان وهو يقول : « والله إنّي لأرى عجاجة لايدفها إلاّ دمّ ، يا آل عبد مناف فيما أبوبكر من اُموركم؟ أين المستضعفان أين الاذلاّن علي والعبّاس؟ وقال : « أبا حسن أبسط يدك حتى اُبايعك » فأبى علي عليهالسلام فجعل أبوسفيان يتمثّل بشعر المتلمّس :
ولن يقيم على خسف يراد به |
|
إلاّ الأذلاّن غير العير والوتد |
هذا على الخسف معكوس برمّته |
|
وذا يشجّ فلايبكي له أحدى (٢) |
قال : فزجره علي عليهالسلام وقال : « إنّك والله ما أردت بهذا إلاّ الفتنة وإنّك والله طالما بغيت للاسلام شرّاً ، لا حاجة لنا في نصيحتك ».
كان الامام معتقداً بشرعية امارته وخلافته ، ويرى نفسه خليفة
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٢ / ٤٤٦. ابن قتيبة : الامامة والسياسة ١ / ٩.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٢ / ٤٤٩. ابن الاثير : الكامل في التاريخ ٢ / ٢٢٠.