حرّم الله سبحانه ممّا فيه الوعيد ، فلا يسع الإنسان إلاّ علمه ومعرفته بعينه ، وتفسيره.
ومنه ما ينبغي أن يعرفه باسمه ولايبالي أن لايعرف تفسيره وعينه حتى يبتلى به ، وعليه أن يقف عند ما لا يعلم ، ولا يأتي شيئاً إلاّ بعلم.
وفي مقابل البيهسية من قال : قد يسلم الإنسان بمعرفة وظيفة الدين ، وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده ورسوله ، والاقرار بما جاء من عندالله جملة (١) ، والولاية لأولياء الله ، والبراءة من أعداء الله وإن لم يعرف ما سوى ذلك فهو مسلم.
ثمّ إنّه مسلم حتى يبتلى بالعمل ، فمن واقع شيئاً من الحرام ، ممّا جاء فيه الوعيد ، وهولايعلم أنّه حرام ، فقد كفر ، ومن ترك شيئاً من كبير ما افترضه الله سبحانه عليه وهو لا يعلم فقد كفر ، فإن حضر أحد من أوليائه مواقعة من واقع الحرام وهو لا يدري أحلال أم حرام ، أو اشتبه عليه ، وقف فيه ، فلم يتولّه ولم يبرأ منه حتى يعرف أحلال ركب أم حرام؟.
قالت البيهسية : الناس مشركون بجهل الدين (٢) ، مشركون بمواقعة الذنوب ، وإن كان ذنب لم يحكم الله فيه حكماً مغلظاً ولم يوقفنا على تغليظه فهو مغفور ، ولا يجوز أن يكون أخفى أحكامه عنّا في ذنوبنا ، ولو جاز ذلك جاز في الشرك (٣).
وقالوا : التائب في موضع الحدود ، وفي موضع القصاص ، والمقرّ على
__________________
١ ـ الفرق بين الفرقتين : هو أنّ البيهسية التزموا بالمعرفة جملة ، وهؤلاء اكتفوا بالاقرار جملة ، والفرق بينهما واضح ، فإنّ المعرفة تستلزم المعرفة التفصيلية دون الاقرار.
٢ ـ ذلك لازم الأصل الأوّل من اشتراط تحقّق الإسلام بمعرفة ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣ ـ يريد أنّ المعاصي الكبيرة لا تكون خفيّة علينا ، ولو جاز خفاؤها لجاز خفاء حكم الشرك.