احتقاراً لهم ، لأنّهم طبقاً لوجهة نظر هؤلاء الخوارج ، قعدوا عن الجهاد في سبيل الله بمحاربة الولاة والحكّام الظالمين.
وكان هؤلاء القعدة قد رأوا القعود عن الحرب ، وعن رفع السيف ضد اخوانهم المسلمين عقب موقعة النهروان التي وقعت بين الإمام علي بن أبي طالب وجماعة المحكّمة الذين عارضوه لقبوله التحكيم ، وقالوا : « لاحكم إلاّ لله » واشتهروا باسم « المحكّمة » أو « الشراة » أو « الحرورية » وأطلق عليهم خصومهم من أرباب الدولة الأمويّة اسم الخوارج (١).
٥ ـ إنّ الصفريّة اتّخذت الخروج بالسيف على الدولة وسيلة لتحقيق أهدافهم ، فإنّ الصفريّة في بلاد المغرب اتّبعوا هذا الاسلوب في هذه المنطقة النائية ، ولذلك رفعوا لواء الثورة ضدّ بني اُميّة منذ عام ١٢٢.
وقد أظهر هؤلاء الصفرية من تطرّف شديد في معاملتهم لخصومهم سواء كانوا من العرب أم من البرير ، فكانوا يستحلّون سبي النساء ، ويستحلّون الأموال ، يسفكون الدماء ، وكانوا في حركتهم في بلاد المغرب أقسى على الناس من حركة الأزارقة في بلاد المشرق ، وقد وصل تطرّف البرير الصفرية إلى غايته عندما داهموا القيروان في عام ١٣٩ ، واحتلّوها وفعلوا بأهلها وبمساجدها ما تقشعرّ له الأبدان على يد قبيلة« ورفجومة » التي كان أهلها من غلاة الصفرية.
ثمّ بعد فترات تنقّلت قيادة البربر من الصفرية إلى الاباضية بعد أن ضاق البربر بعنف الصفرية وتطّرفهم المقيت ، فضعف أمر الصفرية منذ ذلك الحين وذاب أغلبهم في الاباضية (٢).
__________________
١ ـ الدكتور رجب محمّد عبدالحليم : الاباضية في مصر والمغرب : ١٢ ـ ١٣.
٢ ـ نفس المصدر : ٥٣.