السياسي للاباضية يلتقي من الناحية النظرية ومن الناحية الفكرية البحتة مع الخوارج : الأزارقة والنجدات والصفرية ، فقد عممّ كُتاب الفرق القول ووضعوا الاباضية ضمن هؤلاء الخوارج واعتبروهم فرقة رابعة من فرقهم ، والاباضية أنفسهم كما هو موجود في كتبهم القديمة والحديثة يتبرّأون من هؤلاء الخوارج كل البراءة بل ويقاتلونهم بأشدّ قتال.
إنّ المذهب الاباضي لم يعرف بهذا الاسم إلاّ منذ الربع الأخير من القرن الثالث للهجرة حينما غلب على أصحابه هذا الاسم واشتهروا به ، وانّما أصحابه قبل ذلك يعرفون باسم جماعة القعدة وهو اسم له دلالته السياسية ، وقد أطلقه عليهم جماعات الخوارج من الأزارقة وغيرهم احتقاراً لهم ورفضاً لمبدئهم : ذاك في القعود ، فقد وضع هؤلاء القعدة لأنفسهم مبدأ المسالمة وعدم اشتهار السيف في وجه اخوانهم من المسلمين ، وأجازوا لأنفسهم البقاء تحت حكم الجبابرة ، وقالوا بعدم جواز قتل أطفال مخالفيهم ولا قتل نسائهم ولا استحلال أموالهم وأخذوا يعملون على نشر مبادئهم السياسية في سرّيّة وكتمان ، ودخلوا في مرحلة كتمان طويلة امتدّت منذ أن تأسّس المذهب على يد جابر بن زيد في أواخر القرن الأوّل للهجرة حتى هاجر معظم علماء المذهب وآخر أئمة الكتمان أبو سفيان محبوب بن الرحيل إلى عمان في أواخر القرن الثاني للهجرة (١).
٤ ـ إنّ مذهب الاباضية لم يعرف بهذا الاسم في المصادر الاباضية إلاّ في الربع الأخير من القرن الثالث للهجرة وقد قبلت الاباضية بهذا الاسم منذ ذلك التاريخ لأنّه غلب عليهم بمرور الزمن وصار علماً يلتفّون حوله ، وإنّما يطلقون على أنفسهم قبل ذلك اسم « جماعة المسلمين » أو « أهل الدعوة » أو « أهل الاستقامة » وقد سمّاهم أعداؤهم من الخوارج المتطرّفين باسم « القعدة »
__________________
١ ـ الدكتور رجب محمّد عبدالحليم : الاباضية في مصر والمغرب : ٥٤ ـ ٥٦.