كان عبدالله بن نافع بن الأزرق يقول : لو عرفت أنّ بين قطريها أحداً تبلغني إليه الإبل يخصمني بأنّ عليّاً عليهالسلام قتل أهل النهروان وهو غير ظالم ، لرحلتها إليه ، فقيل له : إئت ولده محمّد الباقر عليهالسلام فأتاه فسأله ، فقال بعد كلام : الحمد لله الذي أكرمنا بنوبّته ، واختصّنا بولايته ، يامعشر أولاد المهاجرين والأنصار من كان عنده منقبة في أمير المؤمنين ، فليقم وليحدّث ، فقاموا ونشروا من مناقبه فلمّا انتهوا إلى قوله : لاُعطينّ الراية غداً رجلا يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله ، سأله أبو جعفر عن صحّته فقال : هو حقّ لاشكّ فيه ، ولكن عليّاً أحدث الكفر بعد.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : أخبرني عن الله أحبّ علي بن أبي طالب يوم أحبّه وهو يعلم أنّه يقتل أهل النهروان ، أم لم يعلم ، إن قلت : لا ، كفرت ، فقال : قد علم ، فقال : فأحبّه على أن يعمل بطاعته أم على أن يعمل بمعصيته؟ قال : على أن يعمل بطاعته ، فقال أبو جعفر : قم مخصوماً ، فقام عبدالله بن نافع ابن الأزرق وهو يقول : حتّى يتبّين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، اللهُ يَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه (١).
روى الشريف المرتضى عن الشيخ المفيد : أحبّ الرشيد أن يسمع كلام هشام بن الحكم مع الخوارج ، فأمر بإحضار هشام بن الحكم وإحضار عبدالله بن يزيد الاباضيّ (٢) وجلس بحيث يسمع كلامهما ولايرى القوم شخصه ، وكان بالحضرة يحيى بن خالد ، فقال يحيى لعبدالله بن يزيد : سل أبا محمّد ـ يعني هشاماً ـ عن شيء ، فقال هشام : لا مسألة للخوارج علينا ، فقال
__________________
١ ـ ابن شهر آشوب : مناقب آل آبي طالب : ٢ / ٢٨٩ كما في البحار ١٠ / ١٥٨.
٢ ـ ترجمه ابن حجر في لسان الميزان ٣ / ٣٨٧ بقوله : عبدالله بن يزيد الفزاري الكوفي المتكلّم ، ذكره ابن حزم في النحل : انّ الاباضية من الخوارج أخذوا مذهبهم عنه.