البراءة منه » (١).
وهذا هو ابن سلاّم الاباضي المتوفّى بعد عام ٢٧٣ يقول : « وحكّموا الحكمين خلافاً لكتاب الله ، وحكّموا الحكمين في أمر قضاه الله ، واختلفت الاُمّة وتفرّقت الكلمة ، وصار الناس شيعتين مفترقتين ، وظهر أهل الباطل من أصحاب معاوية على أهل الحق ، فاختفى المسلمون بالحقّ الذي تمسّكوا به فاختلفت عليهم كلمة المختلفين ، يقتلونهم على دين الله الحنيف والملّة الصادقة ( مِلَّةَ إبْراهيِمَ حَنيِفاً وما كانَ مِنَ المُشْرِكينَ ) (٢). يبصّرون الناس دينهم في السرّ ويصبرون في الله على الأذى والقتل ، واحتقروا ذلك في ذات الله » (٣).
ياليت ابن سلاّم يشير إلى الذين حكّموا الحكمين خلافاً لكتاب الله ، إلى الذين فرضوا التحكيم على الإمام المفترض طاعته في أمر قضاه الله. أو ليس هؤلاء أشياخه وأولياءه الذين كانوا مقنّعين في الحديد يدعون إمامهم باسم عليّ لابإمرة المؤمنين ، ويقولون : « أجب القوم إلى كتاب الله وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان ».
إنّ الكاتب نسى أو تناسى الجرائم المريرة التي ارتكبتها المحكّمة الاُولى حين تنقّلهم من حروراء إلى النهروان. فكان الأولى له التنويه بذلك ، لكّنه شطب على هذه الحقائق التاريخية بقلم عريض ، وإلى الله المشتكى.
يقول بعض فقهائهم في مسألة « الولاية والبراءة ».
فإن قالوا : فما تقولون في علي بن أبي طالب؟ قلنا له : إنّ علي بن أبي طالب مع المسلمين في منزلة البراءة.
__________________
١ ـ الكدمي ـ محمّد بن سعيد : المعتبر ٢ / ٤١.
٢ ـ البقرة : ١٣٥.
٣ ـ ابن سلام الاباضي : بدء الاسلام وشرائع الدين ١٠٦.