فإن قال : من أين وجبت عليه البراءة وقد كان إماماً للمسلمين وهو ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وختنه (١) ، مع فضائله المشهورة وقتاله بين يدي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المشركين؟
قلنا له : أوجبنا عليه البراءة من وجوه شتّى ، أحدها أنّه ترك الحرب التي أمر الله بها للفئة الباغية قبل أن تفئ إلى الله ، واحدها تحكيم الحكمين في دماء المسلمين وفيما لم يأذن الله به المضلّين الذين كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحذّرهما ويخوّفهما أصحابه.
وأحدهما بقتله أهل النهروان وهم الأفضلون من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم الأربعة آلاف رجل من خيار الصحابة رحمهمالله. والأخبار بذلك تطول ويضيق بها الكتاب ويتّسع بها الجواب ولم نعدّ كتابنا هذا لشرح جميع أخبارهم ، وإنّما أردنا أن نلوّح لكم ونذكر بعض الذي كان من أحداثهم ، لتكونوا من ذلك على علم ومعرفة لتعلموا ضلال من ضلّ وخالف وشغب عليكم وبالله التوفيق.
فإن قالوا : فما تقولون في طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام؟ قلنا له : إنّهما عند المسلمين بمنزلة البراءة.
فإن قال : من أين وجبت عليهما البراءة؟ قلنا له : بخروجهما على علي بن أبي طالب والمسلمين وطلبهما بدم عثمان بن عفان بإرادتهما إزالة علي بن أبي طالب عن إمامته ، وقالا : حتى يكون الأمر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم إماماً غيره ، بعد رضائهما به وبيعتهما له وأعطيا صفقة أيديهما (٢) على طاعة الله وطاعة رسوله وعلى قتال من خرج يطلب بدم
__________________
١ ـ الختن : الصهر ، زوج الابنة ، والجمع : أختان.
٢ ـ صفقة الأيدي تعني توكيد البيعة.