فيصلان إلى المحذور ، ويقع السوء الذي منه يحذران. ولقد درس الاباضية هذه المشكلة منذ خير القرون وانتهوا فيها إلى رأيهم الذي ينفردون به فيما أعرف ، فحرّموا الزواج بين من ربطت بينهما علاقة إثم ، وقد كانوا في تحريمهم لهذا الزواج يستندون إلى روح الإسلام الذي يحارب الفاحشة.
روت اُمّ المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ عن رسول الله أنّه قال : « أيّما رجل زنا بامرأة ثم تزوّجها فهما زانيان إلى يوم القيامة » (١).
يلاحظ عليه أوّلا : انّ الخضوع للعاطفة والتمسّك بهذه الذرائع إنّما يجوز إذا لم يكن في المسألة دليل من الشرع وإلاّ فيضرب بها عرض الجدار ، وإن نبع عن مبدأ عقلي!!! أو عاطفي ، فإذا كان الكتاب والسنّة واجماع الاُمّة حاكماً بجواز التزويج فلايسوغ لنا التمسّك بهذه الوجوه ، ويكفي في ذلك اطلاق قوله سبحانه : ( واحِلَّ لَكُمْ ماوَرآءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتْغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِين ) (٢) ، نعم عن بعض الفقهاء اشتراط الجواز بالتوبة ، وعلى كلّ تقدير فليس في الاُمّة من يحرّم إلاّ الحسن البصري ، وقوله شاذّ مخالف للكتاب واتّفاق الاُمّة.
قال الشيخ الطوسي : إذا زنى بامراة جاز له نكاحها فيما بعد ، وبه قال عامّة أهل العلم ، وقال الحسن البصري : لايجوز ، وقال قتادة ومحمّد (وفي نسخة أحمد) : إن تابا جاز وإلاّ لم يجز ، وروي ذلك في أخبارنا (٣).
وقال ابن قدامة : « وإذا زنت المرأة لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلاّ بشرطين :
__________________
١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الاُولى ١١١ ـ ١١٢ ـ
٢ ـ النساء : ٢٤.
٣ ـ الشيخ الطوسي : الخلاف ج ٢ ، كتاب النكاح ، المسألة ٧١ ص ٣٧٨.