لاشك انّ هذه الفتوى صدرت عن عاطفة القائل وكونه محبّاً للوئام والسلام ، لكنّها عاطفة في غير محلّها وربّما تتم لصالح الظالمين والفئات الباغية ، والذكر الحكيم يصرّح بخلافه وانّه يجب مقاتلة الباغي إن لم يرجع إلى أمر الله ، قال سبحانه : ( وانْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِيِنَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإنْ بَغَتْ إحْداهُما عَلَى الاُخْرَى فَقاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ اِلَى أَمْرِاللهِ فَإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالعَدْلِ واقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) (١).
وعلى ضوء ما ذكره القائل ، فالواجب على المسلمين في الفتنة التي أثارها طلحة والزبير في خلافة علي عليهالسلام أو الفتنة التي أثارها ابن أبي سفيان بعد حرب الجمل ، أن لاتفضّل أي فئة على الاُخرى حتى لاتحدث فتنة ، وهذا النوع من حبّ الصلح والسلام أشبه بالخضوع لعاطفة عشواء ولو كان في ذلك ركوب الباطل.
٢ ـ اتّفقت الاُمّة الإسلامية على أنّ الزنا بمجرّده لاينشر الحرمة بين الفاعلين إلاّ في موارد خاصّة كما إذا كانت الزانية مزوّجة ، ويسمى في مصطلح الفقه« الزنا بذات الاحصان » وروت عائشة : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال الحرام ، لا يحرّم الحلال.
ومع ذلك فقد جاءت الاباضية بفتوى شاذّة حسبها أنّها صيانة لكرامة المرأة حتى أنّ بعض المتأخّرين منهم صاغها في قالب اجتماعي حسب أنّه ينطلي على أصحاب الفقه ، قال:
« لقد كانت بيئة الحياة في الاُمّة المسلمة لا تبيح للمرأة أن تخلى برجل أجنبي ولا تبيح لرجل أن يختلي بامرأة اجنبية عنه ، وذلك خوفاً من الفتنة ، لأنّ الدوافع الجنسية قد تتغلّب على النفس عند الرجل أو عند المرأة وهما مختليان ،
__________________
١ ـ الحجرات : ٩.