لأجنبيّ بوجه من الوجوه ، ولايستبدّ به حاكم ، ولا يطغى عليه ذو سلطان ، فهذه الحالة هي حالة الظهور ، وهي أكمل الحالات للمجتمع المسلم ، وعليها يجب أن تكون الاُمّة ، لأنّها المنزلة التي ارتضاها الله للمؤمنين ( وللَّهِ العِزَّة ولرَسولِهِ وللمؤمِنينَ ). فإذا انحدر المسلمون عن هذا المقام ، وتضاءلوا عن هذا الشرف ، ونزلوا عن هذه المرتبة التي رفعهم إليها الإيمان بالله ، والثقة فيه ، فيجب أن لايهادنوا الظلم ، وأن لايستكينوا للطغيان ، وأن لايسمحوا للأيدي العابثة ، أن تعبث بمقدّرات الاُمّة ، فتنتهك حرماتهم ، وتحول دون اُمور دينهم ، وتتحكّم في أعمالهم وعباداتهم ، وتتصرّف في أموالهم بغير التشريع الذي وضعه عالم الغيب والشهادة ، والهدى الذي تركه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبناء الإسلام.
إذا انحدرت الاُمّة إلى هذه الوهدة ، فيسيطر عليها عدوّ أجنبي ، أو تخلّى ـ من أولته الاُمّة ثقتها ، وأسلمته مقاليدها ، ووضعت بين يديه رعايتها ـ عن الأمانة ، وحاد بها عن الطريق ، وخان الله ورسوله والمسلمين فيما وضع بين يديه ، وجب حينئذ أن يقف المسلمون في طريق تلك الدولة الباغية ، يأمرونها بالمعروف ، وينهونها عن المنكر ، ويلزمونها أن تسلك بهم طريق الصواب ، فإذا اعتزّت بالإثم ، واستمرأن طعم الظلم ، واستكبرت أن تخضع لأمرالله ، وأن ترجع إلى سبيل الله ، فحينئذ يأتي القسم الثاني من التنظيم الإسلامي وهو الدفاع ، والدفاع في مسالك الدين يرادف ما يعبّر عنه في العصر الحاضر بالثورة ... الثورة على الاستعمار الأجنبي ، أو الثورة على الاستعمار الداخلي : كالثورة على الظلم ، والثورة على الاقطاع ، والثورة على الفساد ، والثورة على الانحراف عن دين الله في كلّ مظاهره وأشكاله. والزعيم الذي يقود هذه الثورة يسمّى « إمام الدفاع » وله على الاُمّة الثائرة حق الطاعة والامتثال ، مادامت